لا اصلاح للتعليم بدون اصلاح المناهج..
يعتبر إصلاح المناهج التعليمية الأساس الذي يقوم عليه أي إصلاح حقيقي في قطاع التعليم.
ومع حلول السنة الدراسية الجديدة، يوم الاثنين 4 ربيع الثاني 1446هجرية الموافق 7أكتوبر 2024م.
يصبح من الضروري أن تولي الدولة اهتماماً عاجلاً للمناهج التي تُدرس حالياً في المدارس والمعاهد. فالعديد من هذه البرامج لم تعد تعكس متطلبات العصر الحديث، بل أصبحت جزءاً من الماضي، بينما لا تزال تُدرس في نظامنا التعليمي.
الأمر الأكثر خطورة هو أن المعلمين الذين ظلوا يعتمدون على هذه البرامج لعقود غالباً ما يفتقدون التحفيز لإجراء أبحاث أو مراجعة للمحتويات التي يدرسونها. وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى ضعف في مستوى التدريس وعدم إتقان المادة العلمية. التدريس الجيد لا يعني فقط الحصول على شهادة من جامعة أو معهد، بل يتطلب متابعة مستمرة للتطورات العلمية والتربوية حتى يبقى المعلم على دراية بما يُدرسه.
مثال على ذلك هو كتاب العلوم الطبيعية للسوادس العلمية والرياضية، حيث تظهر لنا بوضوح العواقب السلبية الناتجة عن عدم التنسيق في المناهج. الانتقالات غير المدروسة بين النظريات العلمية مثل نظرية النشوء والارتقاء والنصوص الدينية دون تقديم تمهيد مناسب تؤدي إلى تشويش ذهني وفوضى مفاهيمية لدى الطلاب، مما يجعل من الصعب عليهم استيعاب المعلومات بشكل منطقي. هذه التجربة دفعتني للتفكير العميق في هذه القضايا، وأثمرت عن تأليف عدد من الكتب التي حاولت من خلالها الإجابة على أسئلتي حول الكون والإنسان والحياة.
لهذا السبب، فإنني أؤكد على ضرورة أن تتدخل الدولة بشكل عاجل لإصلاح البرامج التعليمية في جميع المراحل الدراسية، بدءاً من المرحلة الابتدائية وصولاً إلى التعليم الجامعي. ينبغي أن تكون هذه الإصلاحات قائمة على أساس التجانس في تدريس المواد المختلفة بما يتناسب مع المراحل الدراسية والعمرية، وتحديث المناهج بما يواكب روح العصر. فاستمرار التعليم على مناهج متقادمة وغير متماشية مع الواقع لن يؤدي إلا إلى مزيد من التأخر عن ركب التطور العالمي.