تعتبر الديمقراطية من المفاهيم الفكرية التجريدية التي يصعب تعريفها لذلك تعددت تعاريفها تعدد الزوايا التي ينظر منها معرفوها ولعل مؤدى تلك التعاريف جميعا هو حكم الشعب للشعب أو بتعبير أدق نقل الحكم من الفرد إلى الجماعة وما زاد على هذا الحد قيود واحترازات ومع أن الديمقراطية كنظام وتنظيم لكيفية الحكم نشأت فى سياق غير إسلامي إلا أنها بهذا التعريف لا تناقض الإسلام وإن لم تكن هي الشورى الإسلامية وخصوصا إذا فرقنا بين الديمقراطية العملية والديمقراطية النظرية فالممارس منها اليوم ديمقراطيات وليس نموذجا واحدا كما أدخلت عليها تعديلات وصلت فى بعض المناطق إلى عدولات عن بعض مبادئ وأسس الديمقراطية ونظرا لهذا كله فهي قابلة للأسلمة باعتبارها ءامن طريقة للتبادل السلمي على الحكم والبديل عنها هو الفوضى إما على شكل انقلاب أو ثورة لا تبقى ولا تذر
والاسلام قد منح السلطة للجماعة اختيارا وممارسة ورقابة ويكفى فى ذلك أن نلاحظ أن الاسلام الذى فصل فى أحكام المواريث بالنقطة والفاصلة وترك للمسلمين دستورا خالدا ينظم صلاتهم من الاحرام إلى السلام وحجهم من الاحرام إلى طواف الوداع وأحكام البيع والنكاح وغيرها قد أجمل فى أحكام نصب الإمام وعزله ومات الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف بل ترك الامر لاجتهاد الامة من باب المصالح المرسلة
وقد أشار القرءان الكريم فى الصفحات الاولى من المصحف فى سياق نشأة الإنسان إلى أول عملية منافسة انتخابية عرفها الأنسان على حق السيادة على الأرض وطرفا المنافسة هما ءادم من جهة والملائكة من جهة أخرى ومؤهلات الترشح بالنسبة للملائكة هي : التسبيح والتقديس ومؤهلات الترشح بالنسبة لادم هي : العلم المستلزم للعدالة (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ) الحديث والتزكية من طرف الله تعالى وهي شروط ثلاثة يجب أن تتوفر فى كل مترشح لمنصب عام {العلم والعدالة والتزكية من طرف هيئة شرعية } ومن هنا فإننا ندعوا إلى إنشاء هيئة شرعية لتزكية المترشحين ولا يكون الترشح متاحا لكل من هب ودب حتى ربما ترشح أصحاب السوابق والضالعون فى فساد والمنحرفون فكريا أو عقديا أو أخلاقيا
وإليك بعض واجبات وٱداب الناخب والمنتخب
أولا الناخب :
الناخب هو المواطن الذى ينتخب أي يختار من يحكمه أويمثله أو ينوب عنه فى حراسة الدين وسياسة الدنيا به لمدة أربع سنوات أو خمس حسب القانون لذالك عليه أن يدرك أنه أسير منتخبيه طيلة هذه المدة وأنهم يتحكمون فى دمه وماله وعرضه ومصالحه ومطامحه فلابد أن يدرك حجم الدور الذى يمكن أن يلعبه هو فى تكريس واقعه أو تغييره من خلال عملية التزكية لمرشح من بين المترشحين ومن جهة أخرى هي شهادة يجب عليه فيها الصدق والتجرد من العواطف وسنسأل عنها يوم القيامة قال تعالى {ستكتب شهادتهم ويسألون }
فمن واجبات الناخب :
1 المشاركة الإيجابية لأن اعتزاله نقص فى جبهة الإصلاح وزيادة فى جبهة الإفساد
2 أن يختار على أساس الأمانة والكفاءة ولا بد منهما معا لأن الامانة بلا كفاءة عجز والكفاءة بلا أمانة خيانة
3 نبذ العاطفة والمصلحة الشخصية وعدم التصويت على أساس قبلي أو عرقي أو جهوي (من قلد رجلا عملا على عصابة وهو يجد فى تلك العصابة أرضى منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين ) الحديث
4 حرمة بيع الصوت بمال أو مصلحة ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنياه إن أعطاه ما يريد وفى له وإلا لم يف له ورجل يبايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدقه فأخذها ولم يعط بها ) الحديث
5 حرمة مدح الانسان بماليس فيه أو ذمه كذلك ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) الحديث
6 حرمة الاختلاط والتبذير والكذب والجهل فى الخصومة
7 وجوب الوفاء بالعهد وعدم الغش والخيانة
8 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لكل مسلم
ثانيا المنتخب :
وهو المترشح لمنصب يجعله واسطة بين الناس ومصالحهم وهوخطر عظيم وأمانة وحمل ثقيل يوم القيامة ( عن أبى ذر رضي الله عنه قال قلت يارسول الله ألا تستعملنى فضرب بيده على منكبي ثم قال ’’ياأباذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذى عليه فيها ) رواه مسلم
وقد كان السلف يتدافعون المسؤولية حتى ربما مات بعضهم فى السجن هروبا من القضاء وخوفا من حقوق العباد فالواجب على المترشح هو :
1 إخلاص النية لله والرغبة فى أداء الحقوق وتطبيق شرع الله في ما ولاه الله
2 الحرص على شرعية وسائل الوصول إلى السلطة بلا رشوة ولا غش ولا تزوير ولا خيانة
3 الالتزام بحدود الشرع فى الدعاية والمنافسة وتنظيم المهرجانات
4 الوفاء بالعهد والتعهد والصدق مع الله ومع الناس
5 النصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم
6 أداء الحقوق لأصحابها والحرص على مصالح الناس وعدم الاستئثار عنهم بشيء من مال أو جاه
7 العدل فى المساواة بين الناس فى الحقوق والواجبات سواء من صوت له منهم ومن صوت لغيره
8 الابتعاد عن الغلول واستخدام النفوذ ولو كان ورقة أو قلما فما فوق قال تعالى { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة }
9 حسن الخلق والتواضع مع الكبير والصغير وخاصة الفقراء والمسنين وذوى لاحتياجات الخاصة