لكل إنسان مفتاح يطبعه في جميع شؤونه في جده وهزله وراحته وتعبه وخلوته وجلوته ويغلب عليه حتى يعرف به
فقد عرف عمر رضي الله عنه بالعدل وعثمان بالحياء ومعاوية بالحلم ومفتاح شخصية أحمد فال هو الإتقان.
و قد أتيح لي أن أعرف أحمد فال عن قرب وأسمع منه وأرى وما سمعته عنه أكثر مما سمعته منه وما سمعته منه فوق ما سمعته عنه فلو طلب منى أن أختصره في كلمة أو أصفه في عبارة لما كانت سوى عبارة الاتقان .
فلو صحبته في حله وترحاله ومواقفه ومواقعه ودفاعه واندفاعه لرأيت أن الإتقان هو السمة البارزة فيه والمسيطرة
عليه في عبادته الخاصة ووظيفته العامة حاضرة في قوله إذا خطب وفى فعله إذا كتب وفى دفاعه عن العمال إذا ندب وفى مصالح العامة إذا انتخب .
الاتقان في المحراب
كان الجمع سياسيا وكان الوقت ضيقا وكان التعب قد بلغ مداه وحضر وقت الصلاة فقدموا أحمد فال ليصلي بهم وما إن كبر حتى عرفت أنه ليس له شغل سوى أن يجود صلاته وقراءته فأحمد فال لا يعرف "اتفلفيش" ولا يعرف نصف إنجاز إنما هو الترتيل وتجويد الأقوال والأفعال وهكذا يشهد كل من عرف أحمد فال أنه يحسن يصلى يركد في الاوليين ويخف في الاخريين على حد تعبير سعد ابن أبى وقاص رضي الله عنه.
على المنبر وفى الساحات
عرفت ولايات الشمال وخصوصا أطار وازويرات أحمد فال داعية إلى الله وناصحا أمينا للأمة ومدافعا شرسا عن ثوابتها ومحاورا مقنعا بالحجة والبرهان يفحم المخالفين ويلقم الشانئين حجرا .
كان أحمد فال في تسعينيات القرن الماضي فردا يقوم مقام الجمع كان يكتب الإعلانات بيده ويعلقها على المساجد ويعبئ للمحاضرة ويقوم هو بها
وكان يقول كلمة الحق مدوية بصوته الجهوري لا يخشى في الله أحدا يوم كان للكلمة ثمن وكانت المنابر معابر إلى السجون.
من المنابر إلى المكاتب
لم تكن الكلمة لتشفي غليل رجل يعشق التغيير ويحترق من واقع بلده فتقدم بل قدم على الأصح من طرف أنصاره
إن لم نقل تلاميذه ومريديه إلى ميدان السياسة وانتخب عمدة لبلدية ازويرات أو قائما بأعمال العمدة لتتفاجأ نواطير الإدارة على حد تعبير أبى الطيب برجل كأنما نزل من كوكب آخر إذا كال أوفى وأربى وإذا اكتال لم يستوف ، يصرف موارد البلدية في مصالح الشعب وليس في جيوب الأهل والصحب ويحرس على مصالح العامة أكثرمما يحرص على مصلحته ومصلحة حزبه فهولا يريد ذكرا وإنما يريد إنجازا
وقد ألب على نفسه البعض عندما طلب من السلطات يومها تسخير السلطة وكان له ما أراد بقوة القانون لإغلاق دور الرذيلة وحماية شباب وشواب الثانويات من الانحراف غيرة لله والوطن ولكن البعض فهمها استهدافا ومقتا
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسدا ومينا إنه لدميم
أحمد فال المثقف
من يعرف أحمد فال يعرف أنه نهل من الفرنسية حتى الثمالة وعب من علوم الشريعة حتى الصبابة وتخرج من أعرق المدارس الغربية حتى أصبح مهندسا في تخصصه وإطارا في شركته ولكنه مع هذا كله لم تستهوه الحضارة الغربية
كما هو حال بعض مثقفينا فظل وفيا لثقاته الأم ولغته وإن كتب بغيرها لذلك كان وجوده في الإدارة فتحا بشهادة خصومه قبل أنصاره وكانت قوته الاقتراحية تفوق قوته الخطابية فاقترح وخطط وأنجز وشهد وأشاد بإضافاته وموازناته بين الطموح
والإمكان .
وأخيرا من حكمة وتوفيق أهل تواصل أن يرشحوا أحمد فال عمدة ونائبا ومن حسن حظ أهل ازويرات أن ينتخبوا أحمد فال عمدة ونائبا ومن سوء حظ أحمد فال أن يشغله الناس بمصالحهم عن مصالحه وإن كانت السياسة عبادة يتقرب بها.