طالعت في مواقع التواصل الاجتماعي عنوانا لتدوينة أو تغطية للأمسية التي نظمها قسم تواصل مع منتخبيه المحليين حول الدور الذي لعبوه إلى الآن خلال المأمورية الجارية للبلدية والجهة فوجت العنوان "إستياء مستشاري تواصل من إختطاف جهودهم في البلدية" غير مناسب لما أثير في الموضوع وكان الأنسب في رأيي: " إستياء مستشاري تواصل من العجر المتواصل من الجهاز التنفيذي للبلدية عن الاستغلال الأمثل للموارد الكبيرة المالية واللوجستية التي بحوزة البلدية منذ سنتين وإلى الآن والتي شاركنا بشكل فعال في إيجادها وتدعيمها من أجل النهوض بمستوى الخدمات التي ينتظرها المواطن المساهم في ميزانية البلدية" وهذا يستلزم مني وضع الأمور في نصابها الصحيح وسياقها المناسب.
دخلنا البلدية بعد انتخابات صيف 2018 ضمن تحالف حزبي تقدم بلائحة مشتركة بين تواصل والتحالف من أجل العدالة واليمقراطية وكنا بين خيارين أن نلعب دور معارضين مشاكسين ومثبطين لخصم إختطف منا فوزنا بوسائل أقل ما يقال عنها أنها غير شفافة أو ندخل في إطار شراكة سياسية وتعايش سياسي من أجل الصالح العام ومصلحة الساكنة وتغليب المصلحة العامة على النزعة الحزبية وكان المنحى الأخير هو خيارنا رغم الغبن وعدم الوفاء بأهم مضمون ذلك الاتفاق الذي حصل والذي تم برعاية رئيس غرفة البرلمان ولذي كان يقتضي قيام العمدة بتفويض بعض الصلاحيات لنواب العمد الذين عينوا من فريقنا.
دخلنا المجلس البلدي بروح الفريق الفاعل والمتفاعل فترأسنا بعض اللجان وشكلنا عضوية البعض.
من أهم اللجان التي أخذنا رئاستها والتي دعمت قدرات البلدية بشكل لافت اللجنة المالية والإدارية برئاستي والتي أعطت دفعا غير مسبوق للقدرات المالية للبلدية. فالبلدية عند أستلامها كانت بلا وسائل لوجستية لا للنظافة ولا للسقاية ولا حتى للنواحي الإدارية (العمدة لم يكن بحوزته سيارة من المؤسسة) ولم تكن لديها موارد مالية تستطيع النهوض من خلالها بالأعباء والواجبات الملقاة على كاهلها. والسبب في ذلك: مقاربة العمدة الأسبق الشيخ ولد باية الذي ألقى كثيرا من الضرائب والرسوم البلدية ليستعيض عنها بالجباية على شركات التعدين وللظروف المعروفة من تراجع السوق الدولية للحديد غادرت بعض هذه الشركات وتراجعت قدرات المتبقي منها مما أفسد تلك الحسابات فلم تحصل البلدية على موارد جديدة بعد أن جففت مواردها الذاتية.
إذا بدأنا بهذا القاع والنفق المظلم الذي لا يترأى من أي زاوية منه بصيص أمل للنهوض والإقلاع لكن المؤمن لا يسد عليه باب.
كانت الرؤية واضحة في أذهاننا تحريك الموارد وإيجاد مصار جديدة فعمدت إلى تحليل الميزانيات والحسابات الإدارية والتسييرية وقدمت المقترحات والاستدراكات الفعالة وقدت المفاوضات الشاقة (من أهمها المفاوضات مع شركات معالجة التربة والتي ساهمت بزيادة موارد الميزانية بأزيد من الثلث العام المنصرم )فنمت الموارد وتنوعت الروافد حتى أشاد بذلك العمدة الراحل رحمه الله في آخر دورة يحضرها قبل سفره الاستشفائي الأخير وأشاد به الحكام الذين يحضرون دوراتنا خاصة ولد أمخيطرات أكثر من مرة ويشهد بذلك مدير الخزينة ومسؤول الشؤون المالية والإدارية للبلدية وزملائي المستشارين. وهذا ما جعل العمدة بالنيابة بوب عند تنصيب العمدة الحالية يفاخر بأن البلدية رصيدها المالي كبير ومحفظتها منتفحة وهو ما أستأت منه لأن البلدية موارها للإنفاق على الخدمات وليست للإدخار في الخزانات.
وقدمت إستشارات نفيسة في التسيير والإجراءات التسييرية والمالية مما أدر على البلدية موارد سخية.
مع زملائي من مستشاري تواصل لم تسجل علينا غيابات عن الدورات وكنا فاعلين ومنعشين ملحوظين للنقاشات والمداولات من غير أن تتعثر بسببنا أي مداولة سليمة بل إقترحنا زيادات للعمال ودافعا عن تحسين ظروفهم وطالبنا بالتمييز الإجابي في حق الباعة البسيطين في الأسواق في الجباية والرسوم.
كما طالبنا بتوجيه الانفاق نحو الوسائل اللوجستية التي من شأنها أن ترقى بمستوى خدمات البلدية فاقترحنا شراء السيارات ثلاثية العجلات وتم بإشرافي شخصيا ودعمنا مقترح شراء سيارة خدمة وأشترطنا أن تكون رباعة الدفع وخارجة من المصنع وتم ذلك وأقترحنا أقتناء البلدية لمعدات مكافحة البعوض وتمت الموافقة عليها وجدولت في الإنفاق لكن تعثر الجهاز التنفيذي أحال دون التنفيذ وأقتراحت شخصيا أن يتمثل دعم أسنيم الخيرية لهذا العام في الوسائل اللوجستية الداعمة لدور البلدية الخدمي وهو ما حصل، فالآن البلدية تتسلم بمقتضى ذلك صهريجا لتفريغ الصرف الصحي وشاحنة حاويات لنقل القمامة وثلاثة صهاريج لنقل الماء الشروب.
كما تقدمت في إطار المكتب البلدي في بداية السنة الثانية وبعد شراء معدات جمع القمامة (السيارات الثلاثية الدفع أو واوات كما هو متداول في تسميتها) برؤية متكاملة للتعامل مع الظاهرة المستفحلة وبعد أن أجيزت الخطة وتقرر أنها ستطبق في إطار فريق متضامن تفاجأنا بإخراجها في توظيف سياسي ضيق مما فرض الابتعاد عنها من طرف مصدرها ومصممها فباءت بالفشل ومرت من دون جدوى. ثم أعدت الكرة الآن وضغطت لإحياء الفكرة من جديد وأستغررق ترتيبها ومعالجة مدخلاتها أزيد من أسبوع لأتفاجأ بإخراجها في ذات السياق الأول الذي ثبط الأولى ويهدد بإفشال الحالية. فاتصلت بالعمدة وعبرت عن إمتعاضي وأستغرابي.
إن البلدية في السابق عانت من غياب العمدة الراحل بسبب المرض وأنعدام الثقة بينه ومن فوض فأعطى تفويضا مشروطا وناقصا أصاب الجهاز التنفيذي بالشلل والعجز. والآن العمدة تنقصها التجربة والخبرة وأخاف أن يذهب بها فريقها المقرب منها سياسيا وإداريا في أتجاه يحرمها من قدرات الآخرين والشراكة الفعالة. وليس لها من سبيل لتدارك قليل الوقت المتبقي من هذه المأمورية سوى العمل في إطار فريق متضامن خارج الأطر السياسية والحزبية الضيقة.
الصورة الخادمة: من إنطلاق الحملة الجديدة لإزاحة القمامة: بعد أن رتبنا لها معا وتقدمنا كما في السابق بأهم الأفكار والطرق السليمة لإنجاحها تفاجأنا بهذه الخرجة الإقصائة لكن الأفكار والخطط لا تنجح إلا بأيدي مصمميها وأذهان مبدعيها