كانت الشركة الوطنية للصناعة و المناجم (اسنيم) في أول الأمر، تحمل مسمى ميفيرمَا، التي تأسست عام 1954 م، و اتسمت إدارتها بغالبية أجنبية، من أصول فرنسية آنذاك.وآخرين من أصول افريقية، غالبيتهم من الجنسية الموريتانية، وبعد مضي 20 عامًا، أي في شهر نوفمبر من عام1974 م، حصلت موريتانيا على تأميم ما عُرف بعدها "باسنيم" حيث استقر حجم عائداتها، بشكل وصلت معه الشركة إلى مرحلة حافظت معها على توفير حاجيات عمالها المتنوعة و توفير كذلك المعدات اللازمة... ومع مرور الزمن، استطاعت الشركة الوطنية المؤممة، أن تحافظ على مستواها مرورًا بعقد الثمانينات، حيث جاء المدير الشهير بفترته الطويلة لتوليه الإدارة ( ولد هيين)، الذي ارتفعت في أيامه جهودها بصفة معتبرة، حتى أصبحت فخر الوطن، لتنعكس منافعها بصفة كبيرة في اتجاهات حيوية عديدة ...توالت أيام اسنيم في حالة من الاستقرار، إلى أن ظهرت أجيال السرقات و المحاباة و الاقصاءات في حق العمال الذين ضحوا، و يضحون بجهود. ربما تنتظر المكافأة من إدارة الشركة التي لا تزال تبحث عن ذاتها المنصفة و حسها الوطني ...والتي يتعمد الموالون لها من نقابيي الحراك العمالي التقليل من شأن القضية العالقة ،و المتمثلة في إنصاف العمال و تثمين جهودهم الجبارة و مع بزوغ فجر التعصب و التقرب ضمن منظومة سياسات وضعت خصيصًا لإعادة توجيه مستقبل اسنيم التي أصبحت تقصي بلا هوادة و تُبعد بشكل غير مسبوق، كل من أراد أن يعيش بسلام ووئام يتمتع ببعضٍ من فوائد الشركة، باعتباره حقًا طبيعيًا لأي مواطن.
هكذا استمرت معاناة العمال بشكل ممنهج، من طرف لوبيات و جماعات صغيرة تابعة لها في حق عمال اقل ما يقال عنهم أنهم أوفياء أكثر من جلاديهم فهذا عام 2013م، حيث تورطت إدارتها مع مجموعة مقاولين في قضية غير عادلة و لا منصفة كان ضحيتها العمال المياومين غير الرسميين.
وكان ما كان من إحراق مباني ولاية تيرس زمور، بسبب تجاهل بعض رموز الحكم و تعنت البعض الآخر، نعم فلا سبيل إلى نيل الحقوق الضائعة سوى بالتقرب الفاضح و النفاق الصارخ و الارتماء في أحضان أشخاص لا يعرفون لخدمة الوطن غير التهميش و الكذب على الأشراف، أصحاب الانجازات النبيلة.
هكذا إذا، تصبح ولاية تيرس زمور، حصانًا أسودًا، بالنسبة لعمال المناجم، رغم ضخامة إمكانيات البلد في المجال المذكور، ورغم قلة العمال و الساكنة، فتارة يُقال هذه "اسنيم الخيرية" جاءت لتقوم ببعض المنشآت التي يراد منها التحايل كالعادة على ثروة المجتمع بصفة غير مباشرة، حيث أن كلفة الصفقة لا تنطبق في غالب الأحيان مع المنجز من المنشآت مما لا يعط المجال للتخمين و لا التشكيك من أن القائمين على هذا المجال لا يسعون سوى لأغراضهم الضيقة التي يحرصون عليها على حساب البقية من العامة، دون القيام بأبسط خدمة وطنية. بل نجدهم بكثرة في المناسبات السياسية و المشاريع المتقزمة، التي تُجرى بالقليل من عائدات الثروة الهائلة، لشعب قليل الأفراد ولكنه كثير الفقراء و الجهلة الذين تخلىّ عنهم المعنيون لا هم ثقفوهم ليساهموا في مسيرة التنمية و لا تركوهم بسلام.
في حين نجد القائمين على شأن الشركة المنجمية الوطنية يشقون لأنفسهم، طريق الظلم و القهر و الفساد، وربما ظهر مدلول هذا الكلام بشكل أكبر من خلال، ما عايشه سكان الولاية، بلا استثناء، من جور و ظلم و حرب إشاعات، خلال الأشهر المنصرمة من أيام طبعها إضراب عمالي مفتوح، سعى أصحابه إلى نيل حقوقهم التي لم توف بها إدارة الشركة كعادتها مدججة ببعض الصحفيين غير المتمرسين الذين تنقصهم الخبرة و الكفاءة و الالتزام بأخلاقيات المهنة وبعض النقابيين التائهين في براثين الطمع، حيث آثرت أن تجنِّد عملائها في النقابات التابعة لها أولا سبيلا إلى إفشاله ثم حرّكت أشخاصًا نافذين، يصيحون كالدواب، على ركب المناضلين الشرفاء، دون أن يوقعوا بهم و لا أن ينالوا منهم...
عطاف ولد عبد الرحمن من مدينة ازويرات - الهاتف : 41008742
____________________________________
ملاحظة:
الكتابات أوالآراء الواردة في الموقع لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الموقع وإنما تمثل وجهات نظر أصحابها.