يعتبر فياه ولد المعيوف (الآكشاري) أبرز القادة العسكريين في موريتانيا. ومن القلائل الذين تركوا بصماتهم على تاريخ البلد وخصوصا على المؤسسة العسكرية...
ولد سنة 1935م في قرية يغرف التي توجد70 كيلومترا غرب مدينة أطار.
بدأ حياته المهنية في الخمسينات معلما ومديرا في مدرسة ابتدائية في مدينة ودان التاريخية...
في سنة 1958 وأثناء فترة الاستعمار الفرنسي، التحق بالقوات الفرنسية العاملة آنذاك في موريتانيا، كأول موريتاني يكتتب في القوات المسلحة (الجيش الوطني). عهد اليه الرئيس المؤسس المختار ولد داداه بعد الاستقلال سنة 1960م بتشكيل وحدة الدرك الوطني التي ظل قائدا لها حتى سنة 1978م.
مع اندلاع الشرارة الاولى لحرب الصحراء سطع نجم الرجل حيث ابلى بلاء حسنا في معركتي: بيركندوز وآوسرد الشهيرتين ودخلت كتيبته مدينة الداخلة ليرقى بعدها الى رتبة عقيد...
معروف بين زملائه بالصرامة والانضباط والشجاعة والاقدام واحترام العسكربة.
في حرب الصحراء بين البوليساريو وموريتانيا سطع نجمه كأحد أهم القادة الميدانيين..
فاتح ديسمبر 1975م أصدرت القيادة الموريتانية أوامرها لقواتها باحتلال مدن ومراكز وادي الذهب، لتبدأ بذلك حرب الصحراء الغربية التي استمرت 3 سنوات متتالية.
و من 1975م _ 1976م تركزت العمليات العسكرية الموريتانية في الجزء الجنوبي من الصحراء الغربية: وادي الذهب، كانت القوات الموريتانية تحت قيادة العقيد فياه ولد المعيوف... ..،
و في يوم 11ديسمبر 1975م دارت أولى المعارك واستهدفت السيطرة على مدينة لگويره الحدودية واستمرت هذه المعركة عدة أيام
و في 20 دجمبر، اعلنت القوات الموريتانية أنها استولت على المدينة....!!
22ديسمبر القوات الموريتانية في الصحراء بقيادة العقيد فياه تدخل تشلة الواقعة في جنوب الإقليم، وترغم المقاتلين الصحراويين على إخلائها نهائيا.
بعد ذالك بثلاثة أسابيع عمدت القوات المسلحة الموريتانية إلى فرض حصار عسكري على مدينة العرگوب الواقعة بمحاذاة المحيط الأطلسي إلى الجنوب من الداخلة والتي دافعت عنها قوات البوليساريو دفاعا مستميتا، ولم تستطع القوات الموريتانية أن تدخلها إلا في 11 يناير 1976، وفي هذه الأثناء كانت المعارك العنيفة تدور بين الجيش الموريتاني و بين المقاتلين الصحراويين في عين بنتيلي شمال شرق الصحراء.
وكانت أكثر المعارك ضراوة في الصحراء تلك التي جرت حول مدينة أوسرد الواقعة في وسط تيرس الغربية والتي توجد بها أكبر قواعد جبهة البوليساريو ، فدارت معركة تحرير عنيفة قادها العقيد فياه دامت خمسة عشر يوما وفي 6 فبراير1976 رفعت القوات الموريتانية علمها خفاقا فوق مدينة أوسرد معلنة تحريرها.
في 5 يونيو 1976 انطلقت قوة من تيندوف يقودها الولي مصطفي السيد، كان هدفها محاولة السيطرة على المناطق الاستراتجية وصلوا انواكشوط وبعد مقتل الولي ودليله لعروسي وفرار بقية المجموعة قطعت عليها قوات المنطقة العسكرية الأولى بقيادة العقيد فياه الطريق عند بلدة تورين فقتل من قتل واستسلمت البقية، فغنت لفياه الشوادي في المنتبذ القصي:
الله الله الله ===== طلّع درجت فياه
ليلتْ خبطتْ تورين====أظهر فيها مزّاه
ماصلَّ بعد إلين===== ما خلَّ حد أوراه
كانت الأنباء القادمة من الشمال تتحدث عن بطولات العقيد فياه ولد المعيوف في ساحات الوغى، وتصديه لوحدات البوليساريو وكان مصدر قلق لهم،
يقول احدهم:
اسك مفصلن يالمعبود ==== إفيّاه إفمَشِ فياه
عنّ هك، إفياه إعود ===== تلْ ابعيد ءُ فياهْ إلاه
كان العقيد فياه من الضباط المخلصين للرئيس المرحوم المختار ولد داده ورفض المشاركة في الانقلاب الذي قاده بعض ضباط المؤسسة العسكرية في 10 يوليو 1978 على نظامه، فتم وضعه تحت الإقامة الجبرية.
يعرف فياه بين زملائه بالصرامة والانضباط والشجاعة والإقدام واحترام العسكرية.
في المحاولة الانقلابية 16 مارس 1981، قرر الانقلابيون جعله رئيسا لموريتانيا لفترة انتقالية، وبعد فشل المحاولة كان فياه في منزله فجاء الدرك للقبض عليه، فنصب سلاحه ونثر ذخيرته، فأمر العقيد يال الحسن الدرك بالرجوع فرجعوا عنه وتم التفاوض معه وسويت المشكلة سلميا.
قال الشاعر همام في مدح فياه رحمهما الله :
موريتان اتقدم حته **** محد اف قواتو فيــــاه
والا عند امنين اوفكته **** فيـــاه استغفرن لله
فياه المعلوم النزيــــــه**** بوزنفه لغليــــــــــــــــظ الوجيه
الطاهر لكريـــــــــــم ابديه**** لعرب كاع ابلا حكـــــــم امعاه
ما يكدر عربي يطفش فيه**** او لايكدر عربي يتلقـــــــــــاه
ابخاسر والشاعر يبغيـــــه**** والطامع والي كال اعـــــــلاه
فياه الفات ازهز بيــــــــــه**** اعل حبل الركه مشـــــــــــاه
واللي كامل لاه اناصيـــــه**** بالزنفه والله مول اجــــــــاه
لاه يتحتت بين ايديــــــــــه**** لين اساو وجه واكفـــاه
ولأنه كان يرفض الانقلابات فقد نشط في تسعينيات القرن الماضي في ديمقراطية 1992 دعما للمعارضة، وكان من أبرز الوجوه السياسية الداعمة لمرشح المعارضة أحمد ولد داداه، حيث كان منزله في توجنين محطة أساسية من محطات التنسيق بين قوى المعارضة....
إن شخصية وطنية مثل الراحل فياه ولد المعيوف وبالنظر إلى كل ما قدمه للوطن من تضحيات جسام ليس اقلها دفاعه عن الوطن كجندي رغم انه كان قائدا للدرك الوطني- تستحق الانصاف والتكريم باطلاق اسمه على شارع او مطار او اكاديمية...!! لكي يبقى هؤلاء القادة المؤسسين لجيوش الجمهورية الاسلامية الموريتانية وحصنها المنيع في خلد الاجيال القادمة....
ولأننا اليوم نعيش عالم التقنيات الحديثة ووساءط الصوت والصورة فان الفيديو التالي الذي يظهر فيه شهادة القادة والضباط يلخص كل ماتقدم اعلاه...
كما ان الجو الذي تعيشه القبيلة (اولاد آكشار) اليوم من توافق بعد تشرذم وتكاثف بعد تنافر من الامور التي كان الفقيد يحث عليها و يبذل فيها كل غال ونفيس....
بوفاته فقدت ذاكرة الجيش في موريتانيا واحدا من أبرز عناصرها المؤسسة.
نعم رحل لكن بعد ان ترك بصمته الخالدة في التاريخ الحديث لهذا الوطن.
رحم الله الوالد فياه ولد المعيوف واسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.