عرفت أسعار خامات الحديد ارتفاعا كبيرا تجاوز مستوى التوقعات، حيث كسر حاجز 150 دولارا للطن بالنسبة للخام القياسي تركيز 62%، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2013.
وأرجع خبراء في المجال هذا الارتفاع الكبير لعوامل متعددة ومتداخلة منها السياسي، والاقتصادي.
ورأى الدكتور يربانا الحسين الخراشي – وهو باحث في مجال الصناعات الاستخراجية – أن على رأس العوامل التي أدت لهذا الارتفاع نقص الشحنات من العملاقين أستراليا والبرازيل المتجهة للسوق الأكبر عالميا وهو الصين وفقًا للبيانات.أما
وأضاف ولد الحسين الخراشي في حديث مع وكالة الأخبار أنه منذ نوفمبر الماضي بلغ متوسط حجم شحنات خام الحديد الأسبوعية من أستراليا والبرازيل 22.1 مليون طن، بانخفاض قدره 7.89٪ على أساس شهري، إضافة لانخفاض في المعروض تزامن مع زيادة كبيرة في الطلب على المادة الخام داخل الصين وخارجها بعد عودة مصانع الصلب في اليابان وكوريا إلى العمل بطاقة أكبر.
أما العامل الثاني والمهم – يقول ولد الحسين الخراشي – فهو تصاعد التوترات بين أكبر المصدرين أستراليا (تصدر حوالي 880 مليون طن سنويا)، وأكبر المستوردين الصين (تستورد أكثر من مليار طن سنويا) وذلك بعد نشر المتحدث باسم الخارجية الصينية على حسابه في تويتر لكاريكتير يدين وحشية الجنود الأستراليين وقتلهم للأطفال في أفغانستان، وهو ما جعل أستراليا تطالب الصين رسميا بالاعتذار عنه.
واعتبر الباحث في مجال الصناعات الاستخراجية أن تجدد التوتر بين البلدين المتحكمين في مصير هذه السلعة بات يغذي إقبال المضاربين على شراء العقود الآجلة لخامات الحديد في بورصتي "داليان" و"سنغفوره"، ومما زاد الطين بلة تصريحات منسوبة للعملاق البرازيلي شركة فالي تقول إنها لن تتكمن من تحقيق أهدافها الإنتاجية خلال السنة القادمة 2021، وكذلك زيادة ضغوط مصنعي الصلب في الهند على حكومة بلادهم من أجل التوقف عن تصدير خام الحديد.
وعن مستقبل المجال، قال ولد الحسين الخراشي إنه يرى أننا بتنا في نهاية الحرب المستعرة منذ أكثر من 10 سنوات، والتي كانت وراء حدثين متتاليين متناقضين، هما أكبر طفرة في ازدهار أسعار خامات الحديد عالميا، مع أكبر أزمة انهيار لها في التاريخ.
وأضاف ولد الحسين الخراشي أن صدمة مثل جائحة كورونا لا بد أن تترك تأثيرا كبيرا على المدى القريب والبعيد، مردفا أنه في تاريخ البشرية الطويل هناك حوالي 4 عوامل تقف وراء إعادة بناء المجتمعات وتغيير كل شيء، وهي المجاعات، والأوبئة، والحروب، والثورات الصناعية، مردفا أننا الآن أمام عاملين اثنين. ولذلك بدأ التأثر يطال مختلف مراحل صناعة الحديد والصلب العالمية.
ورأى ولد الحسين الخراشي أن جائحة كورونا ساعدت في تسريع وتيرة تحكم الصين في السوق العالمي لخامات الحديد، والسعي إلى أن يكون لها صوت قوي في عملية وكيفية التسعير المادة الخام، وقد بات من الواضح أن السوق العالمي لخامات الحديد يمر بتغيرات دراماتيكية، على رأسها الإقبال على رقمنة التجارة العالمية للمادة الخام، والتسوية بالعملة الصينية، وحسب المؤشر الصيني.
وشدد ولد الحسين الخراشي على أن هذه المتغيرات تتطلب من موريتانيا مستقبلا المزيد من اليقظة والحذر والانفتاح شرقا، مضيفا أنه يجب أن لا ننسى أن مصيرنا مرهون بأسعار هذه المادة الخام حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لموريتانيا.
ونبه ولد الحسين الخراشي إلى أنه بعد أزمة انهيار أسعار خامات الحديد سنة 2014 تحولت الصين من أكبر مساهم في تنامي الفائض في الميزان التجاري لصالح موريتانيا إلى أكبر مساهم في تفاقم العجز التجاري الإجمالي الوطني.
وأردف أن البيانات الرسمية الصينية تشير إلى تحقيق فائض في الميزان التجاري لصالح موريتانيا بلغ حوالي 1.14 مليار دولار سنة 2013، وحدوث عجز في الميزان التجاري بقيمة 176 و95 مليون دولار سنتي 2018 و2019 على التوالي.