في مطلع شهر مايو سنة 2014 وقع مناديب العمال مع الإدارة على الاتفاقيه التي بموجبها تمنح الشركة زيادة عامة معتبرة في الأجور، حينها كانت الأسعار بالنسبة للخام القياسي تركيز 62% في حدود 110 دولارا للطن، و من سوء الحظ أو من حسن الحظ بدأت الأسعار تتهاوى مطلع سبتمبر من نفس السنة لتصل إلى حدود 78 دولارا للطن خلال شهر أكتوبر، الذي كان من المفترض أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ خلاله. تراجع الأسعارهذا جعل الإدارة تتلكّأ في تطبيق الاتفاقية، وهو ما قاد في النهاية العمال إلى اضرابهم الطويل مطلع 2015 الذي كان بداية الدخول في النفق المظلم.
لكن المفارقة المضحكة، والمبكية في نفس الوقت أن صحيفة الفايننشال تايمز( Financial Times ) الذائعة الصيت التي نشرت في عددها الصادر بتاريخ 10 إبريل 2014 تقريرا مفصلا عن برنامج النهوض أو الركود إن صح التعبير كانت قد نشرت قبل ذلك توقعات بعض المحللين الدوليين حيال انهيار الأسعار نتيجة للبرامج والخطط المعلنة لدى الأربعة الكبار (فالي، ريو تينتو، بي.اتش.بي و فورتيسكميتال) التي تستهدف زيادة الإنتاج، و إغراق السوق الصيني الأكبر عالميا بالمادة الخام بغية إخراج مناجمها عالية التكلفة من المنافسة، وكذلك قطع الطريق أمامها في امتلاك، واستغلال مناجم خارجية خاصة في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية.
وفي الحقيقة أزمة انهيار الأسعار 2014 التي كانت متوقعة كما ذكرنا أعلاه أعطت أكثر من إنذار مبكر قبل تفاقمها على سبيل المثال لا اللحصر : انخفاض الأسعار بأكثر من 40 دولارا للطن في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لأول مرة في التاريخ حسب علمي بعد إعلان الصين عن مؤشرها، حيث كانت الأسعار في حدود 177 دولارا للطن سبتمبر 2011، وانخفضت إلى 135 دولار نوفمبر 2011 .
إن إشكالية غياب المعلومة هذه تقودنا إلى سؤال محرج وخطير-- هل كانت الإدارة العليا في الشركة على علم بتوقعات انهيار الأسعار التي نشرتها صحيفة الفايننشال تايمز، وغيرها من الصحف الدولية حين وقعت الاتفاقية مع العمال ؟؟؟ وإذا كان الجواب لا فهذه مشكلة، و إن كان الجواب بنعم فالمشكلة أكبر.
إن غياب مشاركة المعلومة عن قصد أو من غير قصد كان أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة بين العمال والشركة بل ولازال أحد أهم الأسباب وراء استمرارها حتى لا أقول شيئا آخر، ويبقى الولوج إلى المعلومة حق من حقوق العامل، وشرط مسبق للشفافية التي هي شرط لخلق وسط ملائم لحل الأزمات.