في شهر ابريل من سنة ٢٠١٦ كنت كتبت الرسالة التالية الى المدير الإداري المعين حينها على رأس إدارة سنيم السيد إبراهيم ولد امبارك... لقد حاول الرجل إحداث فارق غير أنه أقيل بعد أشهر قليلة من تعيينه.... و من جديد سنيم -بعد سنتين و نصف السنة تقريبا-على موعد مع مدير جديد ....
لم يتغير الكثير بالمعنى الإجابي خلال تلك الفترة لذلك أعيد نشر تلك الرسالة على أمل أن يحدث التغيير المنشود على يد الإدارة الجديدة التي نتمنى لها التوفيق والسداد و الرشاد.
———————————-
الى مدير سنيم الجديد.... رسالة عاجلة!...
بسم الله الرحمن الرحيم... و صلى الله و سلّم على نبيه الكريم و آله الطيبين....
لا بأس في البداية-رغم طبيعة الاستعجال- أن نتمنى صادقين للمدير المنصرف التوفيق و السداد و النجاح في قابل أيام مسيرة عمله على رأس وزارة المياه و الصرف الصحي... فمن ذلك التمني الصادق لن يخسر أحد أيّ شيئ.... أليس كذلك؟...
و الآن دعونا نهنئ المدير الجديد متمنين له أيضا و بكل صدق و اخلاص التوفيق و السداد و النجاح على رأس إدارة سنيم ... بذلك نكون قد أدينا واجبا مستحقا لكل واحد من الاثنين ... و تبقى نصيحة مستحقة للثاني لا بد تقديمها فالدين النصيحة... سيدي المدير العام!..... أنتم من ابناء هذه المؤسسة العتيدة و خريج مدرستها حيث زاولتم فيها مهام عديدة و تبوأتم عدة مناصب خلال سنوات عدة و هو ما يجعل عليكم واجبا أكيدا و عبئا ثقيلا و دينا لهذه المؤسسة لا بد من قضائه و زيادة بعد أن تبوأتم موقع الرأس منها ...
في هذا الإطار و من موقع أحد ابناء هذه المؤسسة الحريصين على نمائها و ازدهارها و تطورها اسمحوا لي -سيادة المدير- بالتنبيه على بعض النقاط و التنويه ببعض المقترحات لعل ذلك يفيد و ينفع في مواجهة المهام الصعبة التي تواجهنا جميعا.... لا يخفى عليكم و لا على أحد من انباء هذا الوطن الموقع الذي تتبؤه سنيم كقيمة و رمز سيادي وطني منذ أيام نشأة الدولة الموريتانية الأولى الى أيامنا هذه... يتجلى ذلك في مساهمتها في دورة الاقتصاد الوطني و في تحملها اعباء احتياجات ولايات و مناطق عدة بالإضافة الى كونها مجمعا فريدا لأبناء هذه الوطن بتنوع اعراقه و فئاته و مكوناته كما أن ريعها يصل الى كل نقطة من هذا الوطن ... فقلّ أن توجد قرية الا وبعض ابنائها يعملون في سنيم ... و هذا ما يميزها و يجعل لها مكانة خاصة في نفوس الموريتانيين عموما ... هذه هي الملاحظة الأولى... و لا يخفى على أي متعلم أهمية الانسجام و التماسك الداخلي في أي كيان أو منظومة أو مؤسسة... فذلك هو الأساس الذي عليه يشيد البناء و يحصل النهوض... و معلوم أن الأسس الرخوة غير معول عليها في إقامة بناء متماسك و لا في تحصيل نهضة أو نهوض !...
تلك هي الملاحظة الثانية.... أما الملاحظة الثالثة فهي أن العدل هو أساس الحكم و هو أساس الإدارة و القيادة... و العدل لا يقوم في حياة مقاييسها تخضع للإنطباعات و الأهواء ... فيلس أحد أضلّ ممن اتخذ انطباعاته و أهواءه مقياسا و محددا لتصريف الأمور... لكي يقوم العدل و يستقيم أمره لابد من التقيد بالقواعد و النظم و المساطر التي لا تحابي و لا تجامل أحدا و التي يتساوى أمامها الجميع و تكون قيمة كل إنسان بما يحسن و يتقن... انطلاقا و تأسيسا على تلك الملاحظات الثلاث فإن مؤسسة سنيم بحاجة الى بعض الاجراءات ذات الطابع الاستعجالي سبيلا الى وقف حركتها المتسارعة نحو الهاوية ... و تحويل مسارها -حقيه لا توهّما- الى مسار نهوض حقيقي... من تلك الاجراءات:
أولا: لا بد من اصلاح ذات البين و اعادة الثقة بين ابناء المؤسسة بعضهم مع بعض من ناحية... و بين المؤسسة و ابنائها من ناحية أخرى... فبدون الثقة لا يمكن توقع الا مزيد من الفوضى و التسيب و الفساد...
ثانيا: لابد من إعادة الاعتبار للنظم و المساطر التي تحكم سير شؤون المؤسسة... فبذلك تستعيد المؤسسة ثقتها في نفسها و في ابنائها و تستعيد ايضا ثقة شركائها فيها...
ثالثا: لا بد من الدفاع عن مصالح المؤسسة الاستيراتيجية من خلال إبقائها مهيمنة بشكل مطلق على استغلال مناجم الحديد في هذه الولاية على الأقل... و ليكن توسعها في هذا الاطار تعزيزا لهيمنتها بدل التوسع الوهمي من خلال بناء المطارات او الفنادق أو غيرها من المجالات التي تخرج عن ميدان اختصاصها...
رابعا: لابد من إعادة الاعتبار للبحوث الجيولوجية في مجال المعادن و خاصة الحديد ... ذلك أن أيّ مؤسسة تحترم ذاتها و مستقبلها يجب أن تكون بحوثها متقدمة بمسافة لا تقل عن خمس و عشرين سنة!!!... بمعنى أنما ستستغله بعد خمس و عشرين سنة يجب أن يكون معروفا و محددا اليوم....
خامسا: لا بد من انتاج سياسة جديدة في العلاقة بين المؤسسة و عمالها أساسها الشراكة الحقيقة و النجاح المشترك... لا يمكن توقع أيّ نجاح في جوّ مليء بعدم الثقة و بالعداوات ... من تلك السياسة اعطاء الحقوق المستحقة لأصحابها ... و التقيد بالنظم و المساطر عند الترقيات و التعيينات و الشفافية التامة عند الاكتتاب أيضا ...
سادسا: لا بد من قطع الزوائد... لا بد من تنظيف المؤسسة من الإدارات و القطاعات و الدوائر و المصالح غير المفيدة التي تم خلقها في لحظة تهور شخصي استجابة لرغبة في ترقية فلان أو علان... ما هكذا تتشكل الادارات او المصالح...!!... و لابد من تنظيف الادارات من المسؤولين الزوائد الذين لا يصلحون و لا يصلحون... لا ادعو الى طردهم و لكن يمكن وضعهم في مكان "ما" حتى يفح الله أو يحدث في شأنهم أمرا...
سابعا: لا بد من اعادة الثقة في الأطر ذوي الكفاءات و القدرات العالية و إعادتهم الى مواقع حقيقية حتى تستفيد منهم المؤسسة بدل ابقائهم في ثلاجة النسيان ... و هنا لا بد من شيء من الصبر على هؤلاء في سبيل تحقيق الهدف... فمعلوم أن أمثال هؤلاء عصيون على الترويض و التدجين ... و تلك هي الضريبة التى يجب على المؤسسة أن تعرف كيف تدفعها بأقل الخسائر...
ثامنا : لا بد من وقف هجرة الكفاءات من المؤسسة ... بل لابد من خلق بيئة جاذبة للكفاءات...
تاسعا : لا بد من إعادة انتاج سياسة للتكوين و التطوير المستمر لكوادر و تقنيي المؤسسة ... و ليكن ذلك وفق محددات علمية شفافة بعيدا عن الزبونية و المحاباة ... فعالم التقنيات في تطور يومي مستمر و بدون تكوين مستمر لا مستقبل لأية مؤسسة في عالم طابعه المنافسة الشرسة على المواقع و الاسواق ....
عاشرا : لا بد من أخذ مسافة من السياسة حتى تبقى المؤسسة مهنية متخصصة قليلة التأثر بتقلبات السياسة و اتجاهات رياحها و عواصفها و أمواجها... فقد أظهرت التجارب أن المؤسسة تكون أحسن حالا بعيدا عن تلك الاجواء شديدة التقلب ... و أخير سيدي المدير... "و كن رجلا أن أتوا بعده يقولون مرّ هذا الأثر"..... و من لم يستطع أن يكون جالبا للنفع فمن العجز عدم قدرته على امساك الضرر و توقيف حالة التدهور و الانهيار ... و خير الكلام ما قل و دلّ .... و الله من وراء القصد... د. محمد محمود سدينا