تعتبر مدينة ازويرات ذات خصوصية سكانية فريدة من بين مختلف مدن الوطن؛ بوصفها مدينة عمالية تستقطب مختلف الشرائح والقبائل من جميع الولايات والجهات، مما خلق فُيسفياء مجتمعية تُجسد لوحة وطنية شاملة لمختلف الألوان والأعراق. كما أن مستوى الوعي والانفتاح و نُضج العقلية المدنية عوامل مُتجذرة ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة انتقال المعلومة في انتشارها بشكل أوسع وأشمل أسهم في جعلها مدينة ذات خصوصية اجتماعية وسياسية. والمتتبع للمشهد السياسي الوطني و النهج الحزبي الميداني خاصة على مستوى الداخل يلحظ جليًا أن جميع النُخب السياسية و مختلف الأحزاب (معارضة_ موالاة) تتطابق تماما في طرحها ونهجها وآلياتها الراديكالية في كسب الناخب والتعبئة للإنتماء السياسي ونظرتها الدونية للمواطن باعتباره مجرد ورقة انتخابية موسمية. فعلاقة الناخب والمواطن بالسياسي تنتهي بعد إفراز النتائج النهائية للاقتراع وبعدها قطيعة تامة وتنكر صارخ للهموم وقضايا الساكنة، إلى أن يتجدد التقارب و الاهتمام مع بداية الموسم الإنتخابي المُوالي. رهانهم لإنجاح هكذا نهج استحقاري للمواطن يتركز على استغباءه واستغلاله عن طريق سماسرة من زعماء قبائل و شرائح و وُجهاء...امتهنوا اذلال كرامة المواطن وحقه في حرية الاختيار والتوجه السياسي واستقلالية الرأي. ومن تجلّيات الفشل في الطرح السياسي والنهج الحزبي اللاَّ مُؤسسي،تغافل مُنظري سياسة الحزب الحاكم عن العوامل الخصوصية لمدينة ازويرات التي ذكرنا آنفا من مستوى وعي الساكنة وخصوصية تركيبتها المجتمعية بوصفها مدينة عمالية. فأن يُختزل الصراع على المناصب المُتقدمة لتمثيل الحزب في فصيل قبلي ولون وعرق واحد في مدينة عمالية تمثل موريتانيا مُصغرة بكل ألوانها واعراقها وقبائلها وجهاتها،دليل على غياب مؤسسية حزبية تقوم على موازنة سياسية مُقنعة تعكس الخصوصية المُجتمعية للمدينة وتنطلق من واقع تذمر وإحباط الساكنة من سياسة النظام خاصة منذ إضراب 2015 وماترتب عليه من تغيُر لنظرة الساكنة للنظام والسياسيين بشكل عام. ومع أن تعثر تنصيب الوحدات وحِدَّة الخلافات والصراعات يؤكد أن الصراع ليس من أجل التمثيل الأمثل للساكنة وإنما صراع مصلحي بحت بين من يسعى للحفاظ على مصالحه وموارده ومن يسعى للحصول على مصالح وموارد جديدة عن طريق المنصب السياسي،كما يبرهن على قوة صراع الأجنحة القديم الجديد والدور الخفي للمحركين الأساسيين للعبة من الغرف المغلقة في انواكشوط. فإن سلاسة التنصيب في كل من مقاطعتي (افديرك و بئر ام اكرين)نموذج واضح على نجاعة الموازنة السياسية بين الفرقاء وتغليب النظرة الحزبية الشمولية على النزعة المصلحية الشخصية التي تكاد تعصف به على مستوى مدينة ازويرات. ويبقى المواطن في تيرس يحتاج نُخب سياسية مُعارِضة ومُوالية تسعى لتغيير الواقع بدأً بالعقليات وتوعيته بحقوقه و واجباته حتى يتمكن من إحداث التغيير المنشود على مختلف الأصعدة. لا نُخب سياسية موسمية تسعى للمناصب والمكاسب الشخصية وتقايض على حساب حقوقه.