أدرك جيدا تلك القوالب النمطية التي قد يوضع فيها كلام من هو مثلي عن من هو مثله.
ولكنني عازم على توديع الرجل والتمني له كل الخير في قادم الايام.
منذ إجتماعنا الاول معه أدركنا مقدار عفوية الرجل وكاريزمته وصدقه وعزمه على تحسين الامور.
كان أول مسؤول يقر بخطا المقاربات السايقة المعتمدة في عدة مجالات ويسعى لتحسينها.
اتذكر جيدا عندما كان يتكلم بحرقة عن معاناة العامل البسيط..عندما كان يتلقف احلامه بعقلية المسير المسؤول.
حيث كنا نردد : “نخشى ان لا يعمر الرجل طويلا في منصبه”.
اعذرونا فنحن لم نعهد كثرة في أمثاله.
لقد راودتني فكرة شكره كتابة وهو في المنصب .الا انني خشيت تاثير ذلك سلبا عليه.
هذا الرجل كان مهندس حلحلة النظام التشغيلي organigramme والذي بفضله نال وسينال العمال مئات الترقيات.
هذا الرجل كان مهندس حصول اغلبية قطاع 900 على الساعة التاسعة.
هذا الرجل هو الذي شن حربا على غياب نظام للتقدم الوظيفي وتمخضت جهوده عن اعلان الشركة تعاقدها مع مكتب مختص لوضع سياسة في هذا الاطار.
هذا الرجل كان مهندس رفع الحصار عن طبقة ال S4 والتي بدأت مؤخرا فيهم الاختبارات ..
هذا الرجل قطع لنا عهدا أن يتم تحديد نسبة ثابتة من الارباح للعمال قبل عن اية الرجل العام 2017 ..
ولكنم حيدوه.
وفوق كل هذا كان مسؤولا مقتنعا ان الرفع من انتاجية المؤسسة مرهون بمدى اريحية العامل وتوفر العدالة الاجتماعية.
وكان مبهورا بل وتبنى بشدة قضية تقسيم الارباح السنوية بالمساواة بين العمال رغم انه سيكون الخاسر الاكبر.وهذا ان دل على شيء فٱنما يدل على وعيه بضرورة احساس الجميع بالمساواة.
في المفاوضات الاخيرة كان موقفه داعما بقوة لتلك القسمة
و اتذكر عشاءا اقامه المدير العام بعد انتهاء المفاوضات بايام قليلة.
حيث كان الشيخ سيد احمد يستقبل القادمين بعفويته المعهودة ..وعندما لمحني وقف محتضنا لي بذراعيه واسر لي في الاذن: “ايو مابخلناها بعد شي”
يعني التقسسم العادل ..هذا المشهد فاجئني بقوة ويهرني وتأثرت بعد أيما تأثير.
من اي طينة هذا الرجل ؟
لا اكتب هذه الاحرف نكاية في اي كان ..اكتب فقط شهادة عن فترة رجل استثنائي كان لنا الشرف في الخدمة ابانها.
اكتب لكي يدرك اي مسؤول ان المناصب زائلة وان السمعة الحسنة هي الباقية .
اكتب هذه الاحرف لكي تكون سيرة الرجل منهاجا لاي مسؤول مستقبلي ..
والله من وراء المقصد وهو عليم بذات الصدور.