في أيام الشدّ و المد ؛ حيث تتصارع القوى متداخلة الأفكار و المصالح وأحياناً حقد الأنفس الشريرة ، وبعيدًا عن جميع المعايير و الموازين العقلية المنصفة ، التي ينبغي الاحتكام إليها ، يذهب البعض بعيدًا منقاد من عمقه الوجداني بلعاب المتملق الذي يراوغ طريدته الرخيصة ، إلى تحالفات غير محسومة ، تهدف إلى حشر الجماعة الباقية ، التي يخشاها الطغاة و أسياد أسيادهم ، حيث تتهافت جماعات من أصحاب الشأن الخاص ، آثروا تحصيل عناصر الخلود بجمع الأموال وحتى دون العودة أو الرجوع إلى أصداء الرعية للاحتكام الصائب ، بل طلباً لما يُشبعُ النفس المتسلطة و الرغبة الجامحة ،فيهرع أحدهم بسرعة لمح البصر ، ليرتمي في أحضان أناسٍ ، يسعون منذ وقت طويل إلى تفرقة الأمة و تكريس تبعيتها للآخر ، في أيام بدأت بزيارة مشؤومة لأحد بلداننا الإسلامية يتم تدابير الحكم فيه بشكل ضبابي ، وكان لتلك الزيارة ما كان من مخلفات رهيبة ، تجسَّدت في هذا الشهر الكريم الذي تتضاعف فيه الأعمال صالحها و طالحها... ، بأول خطوة تمثلت بمحاصرة إحدى الدول الإسلامية التي تؤوي جماعات طيبة من الجماعة الصالحة آوتهم لأنهم فرُّوا بأنفسهم وأموالهم هرباً من بطش من تَبعَ أضلَّ الأقطاب ، فصار يقتل و ينوع أساليب التعذيب والإهانة ، حتى أصبح من غير المغضوب عليهم لدى الآخر الذي يحالف الشيطان و يتقرَّب إليه بكل ما يُخالف الشرع ، والذي يُحكَمُ دستورًا شيطانياً لا يقف عند حد و لا يرتدع بأي مبدأ أنساني ، بل التوغل في أودية الخبث و الضلال التي يسعى من خلالها بعض أبناء الأمة الخانعين إلى تصدير تلك الثقافة غير الحميدة.
ولأن لهم رؤية تصلح للأرض و العباد كانت الفتنة أمرًا طبيعيًا ، يتعرَّضون لها من حين لآخر ، و يزيد الضغط حتى صار البعض ترمي أسهم التُّهم و الكذب سبيلا إلى تشويه الحقائق و تزيين مظاهر الفساد الأخلاقي التي بدأ للأسف الشديد يجد له أرضية شبه خصبة ، كل ذلك كان بمباركة من أشخاص زُرعت المادة في قلوبهم ، فكانت بمثابة الأكسجين بالنسبة لهم ، كم هم ذوي نفوس ضعيفة ، نعم ، إنها مرحلة من النفاق بشتى طرائقه و تجلياته ، فيها يُكذَّب الصادق و يُصدَّق الكاذب ، و فيها كذلك يُبعد صاحب الكلمة القوية الذي يصدع بالحق و يُقرّب صاحب البطن الأجوف ، الذي يغني ترنيمته المفضلة على وتر المذابح والتجويع وسياسات التجهيل التي يتم بها نهب المال العام بطرق مستحدثة تم جلبها من عند الأسياد و أصوات المدافع التي تُقتّلُ أطفال الأمة من كل حين ، غباواتٌ تُرتكب باسم الأمة و تجاوزاتٌ تقترف باسم الشعوب ، و كذلك صفقاتٌ تتم من رجالات بلغوا من الميوعة ما بلغوا و عن الفساد لا تسأل ، فصار لأهل الصلاح نصيب من الحقد في القلوب البعض ، حتى تضعف همتهم و يتقهقروا عن الميادين و الساحات و تصبح الساحة مرتعاً لأصحاب البطون المطاطية و النفوس الخبيثة ؛ ليعثوا في الأرض فاسدًا على طريق أسيادهم ...و ما خفي أعظم !!!