عن أَبي هريرة «رضي الله عنه» ، أنَّ رسول الله «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : ( مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيرٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ «رضي الله عنه» : بِأبي أنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرورةٍ ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا ؟ فَقَالَ : ( نَعَمْ ، وَأرْجُو أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ) متفقٌ عَلَيْهِ
قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبَّل منهم و قال يحيى بن أبي كثير كان من دعاء السلف: اللهم سلِّمني إلى رمضان وسلِّم لي رمضان وتسلَّمه مني متقبلًا... و كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ: يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، صَلُّوا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ، وَصُومُوا فِي حَرِّ الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ، وَتَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ لِعَظَائِمِ الأُمُورِ...
و كان الإمام مالك رحمه الله و رضي عنه إذا جاء رمضان أغلق على كتبه و أخذ مصحفه و قال : هذا شهر القرآن... لا كلام فيه مع القرآن... يحسن بنا تأسيا بالإمام مالك رضي الله عنه - من الآن استعدادا للشهر العظيم- أن نغلق فيسنا و تويترنا و واتسبنا و... و نقبل على ما يمحو الله به السيئات و يرفع به الدرجات من أعمال في هذا الشهر العظيم....
أعمال الخير كثيرة متعددة و متنوعة و لن يعدم أحد منها ما يلاءم ظروفه و قدراته و مع ذلك على بالمرء أن يتخير أعظمها أجرا في الزمان و المكان و يركز عليه منعا للتشتت و تحقيقا للحسنات و الدرجات و المقامات... و لعل الخطوات التالية تساعدنا على رسم معالم خطة عمل رمضانية طموحة :
أولا: الاستعداد (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)
- و ضع خطة بأهداف قابلة للقياس كما و كيفا
- بدء تنفيذ الخطة بأسبوع على الأقل قبل بداية رمضان.
- أخذ إجازة في شهر رمضان أو على الأقل في العشر الأواخر منه
- تحديد مسجد مناسب لصلاة التراويح و الاعتكاف...
- التوقف عن جميع وسائل التواصل الاجتماعي ما لم يكن في ذلك ضياع لحق أو قطيعة لرحم
ثانيا: التركيز على عظائم الأعمال
- صلاة الفريضة في جماعة و في الصف الأول مع إدراك تكبيرة الإحرام طيلة الشهر الكريم
عن أبي هريرة «رضي الله عنه» أنَّ النبيَّ «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : (مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ ، كَانَتْ خُطُواتُهُ ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً ، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً ) رواه مسلم. و عنه «رضي الله عنه» : أنَّ رَسُول الله «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : ( ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ ) قَالُوا : بَلَى يا رَسُول اللهِ ؟ قَالَ : ( إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إلَى المَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ، فذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ) رواه مسلِم.
و عنه «رضي الله عنه» ، قَالَ : قال رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه و سلم» : ( صَلاةُ الرَّجُلِ في جَمَاعةٍ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتهِ وفي سُوقِهِ خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفَاً ، وَذلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ ، لا يُخرِجُهُ إلاَّ الصَّلاةُ ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إلاَّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ، وَحُطَّتْ عَنهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ، فَإذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ ، مَا لَمْ يُحْدِث ، تقولُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، وَلاَ يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ ) متفقٌ عَلَيهِ ، وهذا لفظ البخاري.
و عنه أيضا «رضي الله عنه» : أنَّ رَسُولَ اللهِ «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : ( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا ) متفقٌ عَلَيهِ .
حال السلف مع صلاة الجماعة:
و قد كانت عناية السلف بالصلاة فائقة و لا غرو فهي أهم أمر هذه الأمة كما قال عمر رضي الله عنه ... قال سعيد بن المسيب: ما أذن مؤذن منذ عشرين سنة إلا وأنا في المسجد... و قال حاتم الأصم: فاتتني الصلاة في الجماعة فعزاني أبو إسحاق البخاري وحده ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشر آلاف لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا.... وروي أن ميمون بن مهران أتى المسجد فقيل له: إن الناس قد انصرفوا فقال إنا لله وإنا إليه راجعون لفضل هذه الصلاة أحب إلي من ولاية العراق... وروي أن السلف كانوا يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى ويعزون سبعا إذا فاتتهم الجماعة.
- صلاة الرواتب و النوافل....
عن أبي هريرة «رضي الله عنه» ، قَالَ : قال رَسُول اللهِ «صلى الله عليه و سلم» : ( إنَّ أوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ ، فَإنْ صَلَحَتْ ، فَقَدْ أفْلَحَ وأَنْجَحَ ، وَإنْ فَسَدَتْ ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ ، قَالَ الرَّبُ «تعالى» : انْظُرُوا هَلْ لِعَبدي من تطوّعٍ ، فَيُكَمَّلُ مِنْهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ ؟ ثُمَّ تَكُونُ سَائِرُ أعْمَالِهِ عَلَى هَذَا ) رواه التِّرمِذِيُّ ، وَقَالَ : ( حَدِيثٌ حَسَنٌ ).
و عن أُمِّ المُؤْمِنِينَ أُمِّ حَبِيبَةَ رملة بِنْتِ أبي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهما ، قالت : سمعت رَسُولَ اللهِ «صلى الله عليه و سلم» ، يقول : ( مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ تَعَالى كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعاً غَيرَ الفَرِيضَةِ ، إلاَّ بَنَى الله لَهُ بَيْتاً في الجَنَّةِ ، أو إلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ ) رواه مُسلِمٌ.
و عن أَبي ذَرٍّ «رضي الله عنه» ، عن النَّبيِّ «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : ( يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدكُمْ صَدَقَةٌ : فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ ، وَيُجْزِىء مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِن الضُّحَى ) رواه مسلم.
- القيام و التراويح...
قال تعالى: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) (السجدة:16). قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل. و قال ابن كثير في تفسيره: (يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة )... وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال عنهم: (كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (الذاريات:18،17)... قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار... و قال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (الزمر:9). أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!.
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كَانَ النبيُّ «صلى الله عليه و سلم» يَقومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفطَّرَ قَدَمَاهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، يَا رَسُولَ الله، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ ؟ قَالَ : ( أفَلاَ أكُونُ عَبْداً شَكُوراً! ) متفقٌ عَلَيْهِ
و عن عبد الله بن سلام «رضي الله عنه» : أنَّ النبيَّ «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : ( أيُّهَا النَّاسُ : أفْشُوا السَّلامَ ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ ) رواه الترمذي ، وقال : ( حديث حسن صحيح )
و عن أَبي هريرة «رضي الله عنه» ، قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ «صلى الله عليه و سلم»: (أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ : شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ : صَلاَةُ اللَّيْلِ ) رواه مسلم.
عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله «صلى الله عليه و سلم» كَانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً – تَعْنِي في اللَّيلِ – يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ المُنَادِي للصَلاَةِ. رواه البخاري .
و عن حذيفة «رضي الله عنه»، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ «صلى الله عليه و سلم» ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ البَقرَةَ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ المئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فقلتُ: يُصَلِّي بِهَا في رَكْعَةٍ فَمَضَى ، فقلتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً : إِذَا مَرَّ بآيةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : ( سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ ) فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحواً مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ : ( سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ) ثُمَّ قَامَ طَويلاً قَريباً مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَقَالَ : ( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى ) فَكَانَ سجُودُهُ قَريباً مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم.
و عن جابر «رضي الله عنه» ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ «صلى الله عليه و سلم» ، يقول : ( إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ الله تَعَالَى خَيْراً مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أعْطَاهُ إيَّاهُ ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ) رواه مسلم.
حال السلف مع القيام:
قال سعيد بن المسيب رحمه الله : إن الرجل ليصلي بالليل ، فيجعل الله في وجه نورا يحبه عليه كل مسلم ، فيراه من لم يره قط فيقول : إن لأحبُ هذا الرجل!... و قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره.
قال محمد بن المنكدر رحمه الله : كابدت نفسي أربعين عاماً (أي جاهدتها وأكرهتها على الطاعات) حتى استقامت لي... و كان ثابت البناني يقول كابدت نفسي على القيام عشرين سنة !! وتلذذت به عشرين سنة ... قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك.
و دخلت إحدى النساء على زوجة الإمام الأوزاعي رحمه الله فرأت تلك المرأه بللاً في موضع سجود الأوزاعي ، فقالت لزوجة الأوزاعي : ثكلتك أمك !! أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ ( أي مكان صلاته بالليل ) فقالت لها زوجة الأوزاعي : ويحك هذا يُصبح كل ليلة !! من أثر دموع الشيخ في سجوده .
و كان أبو مسلم الخولاني رحمه الله يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو كسل قال لنفسه : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا عليه ، والله لأزاحمنهم عليه ، حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجالا !! ثم يصلي إلى الفجر.
- ختم المصحف
عن أَبي أُمَامَةَ «رضي الله عنه» ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ «صلى الله عليه و سلم» ، يقول : ( اقْرَؤُوا القُرْآنَ ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ) رواه مسلم... و عن عمر بن الخطاب «رضي الله عنه» : أنَّ النبيَّ «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : (إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ ) رواه مسلم
و عن ابن عمر رضي اللهُ عنهما ، عن النَّبيِّ «صلى الله عليه و سلم» ، قَالَ : ( لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) متفقٌ عَلَيْهِ . ( والآنَاءُ ) : السَّاعَاتُ.
و عن ابن مسعودٍ «رضي الله عنه» ، قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ «صلى الله عليه و سلم» : ( مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا ، لاَ أقول : ألم حَرفٌ ، وَلكِنْ : ألِفٌ حَرْفٌ ، وَلاَمٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ) رواه الترمذي ، وقال : ( حديث حسن صحيح ).
و عن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبيِّ «صلى الله عليه و سلم»، قَالَ: ( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا ، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا) رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
حال السلف مع القرآن:
كان الزهري إذا دخل رمضان قال: فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام... قال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف... قال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري: إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن... و كان الأسود بن يزيد : يقرأ في كل ليلتين في رمضان. وكان إبراهيم النخعي: يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة وفي بقية الشهر في ثلاث... و كان قتادة: يختم في كل سبع دائما، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة... كان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة. وعن أبي حنيفة نحوه(لطائف المعارف).
و عن مسبح بن سعيد قال: كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة... و قال سليمان بن يسار رحمه الله: قام عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصل قبلها ولا بعدها... و عن ابن سيرين: أن تميماً الداري كان يقرأ القرآن في ركعة... عن الحارث بن يزيد: أن سليم بن عتر كان يقرأ القرآن في كل ليلة ثلاث مرات.
- الإنفاق: رتب على نفسك صدقة يومية لأحد المحتاجين مع إفطار لصائم ليكون لك مثل أجره.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله . إمام عدل , وشاب نشأ في عبادة الله , ورجل قلبه معلق في المساجد و ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال أني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة , فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه , ورجـل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " . البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تصدق أحد بصدقة من طيب – ولا يقبل الله إلا الطيب – إلا أخذها الرحمن بيمينه , وإن كانت تمرة , فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل , كما يُربّي أحدكم فلوه أو فصيله" . البخاري و مسلم و اللفظ له و عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس , وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل , وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن , فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة " .البخاري واللفظ له و مسلم.
حال السلف مع الإنفاق:
في كتاب الكرم و الجود: قال أبو السوار العدوي "كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم قط على طعام وحده؛ إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس، وأكل الناس معه"... و عن الحسن رضي الله عنه قال: "كان ابن عمر لا يأكل طعاماً إلا ويقيم معه على مائدته يتيم".
في مسلم عن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر ا: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر : أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً، قال أبو بكر: أنا. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة".
و في وفيات الأعيان قال عبد الله بن صالح: "صحبت الليث عشرين سنة، لا يتغدَّى ولا يتعشَّى إلا مع الناس، وكان له كل يوم أربعة مجالس، منها مجلس لحوائج الناس، لا يسأله أحد فيردّه، كبُرتْ حاجته أو صغُرت، وكان يُطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر، وفي الصيف سويق اللوز في السكر"... وعن الصَّلتِ بن بسطام قال: "كان حمادُ بن أبي سليمان يُفَطِّر كل ليلة في شهر رمضان مائة إنسان، فإذا كان ليلة الفطر كساهم ثوباً ثوباً، وأعطاهم مائة مائة".
في إحياء علوم الدين عن حذيفة العدوي، قال: "انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمٍّ لي ومعي شيء من ماء، وأنا أقول: إن كان به رمق سقيتُه ومسحت به وجهَه؛ إذا أنا به، فقلت: أسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم، فإذا رجلٌ يقول: آه. فأشار ابن عمي إليَّ أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك؟ فسمع به آخر فقال: آه، فأشار هشام: انطلق به إليه، فجئته فإذا هو قد مات... فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات"... إنه الإيثار في أروع تجلياته.
و في السير عن منذر أن الرَّبيع بن خثيم كان إذا أخذ عطاءه (راتبه) فرَّقه، وتَرَك قَدْر ما يكفيه... و في التبصرة لابن الجوظي روى نسير بن ذعلوق عن الربيع بن خثيم أنه وقف سائلٌ على بابه فقال: «أطعموه سُكّراً؛ فإن الربيع يحب السُّكّر... في القرطبي عن أبي الحسن الأنطاكي: "أنه اجتمع عنده نيِّفٌ وثلاثون رجلاً بقرية من قرى الرِّيِّ، ومعهم أرغِفة معدودة لا تُشبِع جميعهم، فكسروا الرُّغفان، وأطفئوا السِّراج، وجلسوا للطعام، فلما رُفع، فإذا الطعام بحاله لم يأكل منه أحدٌ شيئاً، إيثاراً لصاحبه على نفسه".
خلاصة الخطة:
الأهداف |
الإجراءات |
الكمية |
صلاة الفريضة في جماعة |
المرابطة في المسجد من وقت الأذان على الأقل |
5 مرات يوميا |
الصف الأول عن يمين الإمام |
||
صلاة الرواتب و النوافل |
الرواتب مع الصلوات المكتوبة |
12 ركعة يوميا |
صلاة الضحى |
8 ركعات يوميا |
|
القيام و التراويح |
القيام بجزء أو أكثر من القرآن (أو بما تيسر) |
11 ركعة يوميا |
ختم المصحف |
قراءة حزب يوميا وفق تحزيب الصحابة (7 احزاب) |
ختمة أسبوعية على الأقل |
الإنفاق |
صدقة على فقير |
مرة يوميا |
إفطار صائم |
بلغنا الله و إياكم رمضان عاما بعد عام ... و وفقنا فيه و إياكم للإخلاص في الأقوال و الأفعال ... و الله الموفق و الهادي الميسر
و خير الكلام ما قلّ و دلّ.
د. محمد محمود سيدينا.