في الوقت الذي يهيج فيه المجتمع العمالي في مدينتهم المنجمية بامتياز و ترفع فيه الشريحة العريضة من ساكنة ولاية تيرس زمّور ، سُكاناً ، وقاطنين أياديهم ، أملاً في تحقيق أمانيهم و عدالتهم الاجتماعية و المساواة في التشغيل و توفير الطاقة بشكل رمزيٍّ ، إن لم تُعط مجاناً ، بحكم أنها مدينة منجمية ذات تعداد سُكاني قليل ، إذا تحدثنا عن عاصمة الولاية أزويرات ، التي تشهد هذه الأيام مبادراتٍ تلي مبادرات ، مع احترام المواقف التي وراءها و الأفكار التي تصدرَّت مشهدها و الإعلاميين الذين كان لهم الشرف في تغطيتها . لكن ما يندى له الجبين ، هو تركيز بعض المحسوبين على بعض الاتجاهات السياسية متعددة الأطوار، على نقاط عابرة لا تلامس بشكل كبير وحيوي حياة المواطن الزموري ، حتى ترقى إلى حشد بعض ساكنة الولاية و تمويل المبادرات التي أنهكت مجتمعنا بأعدادها وتكاليفها والتي تُضاهي أعداد الأحزاب و المواقع وكذلك الصحف و الجرائد ، و لفّت شرنقة مؤسساتنا التي صار بعضها مرتعاً للاجتماعات الترفيهية و تضييق الخناق واسعاً على ضعاف الأفراد.
وفي هذه المرحلة التي سترصد لها مبالغ خيالية بغية تغيير الدستور بما يتلاءم و رغبة البعض ، تحت حجج يعتبرها الآخر واهية في حين يعتبرها القيّمون عليها أنها هي الفانوس السحري الذي بفضله ، سينعم المجتمع بكافة أطيافه بلا تمييز... و التي تُعتبر فاصلة في الحياة السياسية التي لطالما أخذت شكل المُخلِّصِ الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى تخليص الناس من طامة قد تُلمُِّ بهم و إسعادهم بعد تخليصهم المزعوم منها ، بتوفير بعض المُسلِّيات التي يمدحها المطبّلون على حدّ بعض الساكنة الذين يصفون أنفسهم متضررين جرّاء أساليب بعض المسؤولين و يفخِّمُونها حتى يُفوِّتُوا على المجتمع المكنون الحقيقي و الجوهر الأليم ، الذي يرومه الأسياد ، حتى فرّقت بيننا القيود و الأغلال التي كبّلت الأخيار فينا ، و لم يعد يتسنى لهم القيام إنقاذاً لما تبقى من قِيَّم و مبادئ ، حتى تستقيم الوجهة و تصلح السكَّة ، التي اعوجّت بفعل أكاذيب البعض و دخوله في صفقات مُلزمة ، باسم الشعب ، ذلك الشعب الذي تتعرَّضُ اليوم ثروته لكل أنواع البطش و صار حبيساً و آلة للضريبة التي تلاحقت عليه ، حتى أثقلت كاهله ، بصفة ما عادت تُطاق و لم يعد يتحملها قاطن أرض الشمال ، تيرس زمُّور ، حيث المدينة المنجمية التي تستقطب اليد العاملة بالآلاف ، وتحتضن ساكنة لا تتجاوز الخمسين ألف نسمة ، دون عائداتٍ منصفة ، بها يشفي الساكنون غليلهم ، من تلك الخيرات التي تُصدُّر منذ فترة ليس بالقريبة جداًّ دون أي انعكاس حقيقي كما يزعم المقتنعون بتوجهات الخاصة و يحلو لهم ترداده كترنيمةِ متسوِّلٍ ، قلبه مليء بالإيمان، لا على مستوى البنى التحتية و لا على تجفيف منابع البطالة. بل ظُلمٌ يلي ظلم و قهرٌ فكريٌّ و نفسيٌّ به ، تُستعبد الأفراد و تُخَوَّفُ بأنها تتطاول على النظام و تتجاوز الخطوط التي لا يُقبل المساس بها ، في حين ينوون المساس بثوابت و مقدسات شعب بأكمله ،نعم هي واجبات على كل مواطن تلبيتها تجاه وطنه، و لكن حقوق هذا المواطن الزموري المسكين قد ذابت وتُنُوسِيَّتْ ، ربما مع جبال الجليد ذابت في عصر الجليل ، إنها ، بحق ، متاهة تقود الجاهل إلى تبني الأفكار و الشعارات البنَّاءة في حين ، يشقى الشعب و تمرض القِيَّم و تضيع الحقوق التي يتحدَّثُ عن صونها عبثاً أشخاص ، همهم الوحيد التعالي على ضعاف المجتمع و التباهي بجمع الأموال المسروقة في وضح النهار و تحريف قرارات رئيس الجمهورية و تقويضها بغية جمع الفتات و تجويع ما أمكن تجويعهم من المواطنين حتى يسهل التحكم فيهم وهم يُساقون كالقطعان.
هكذا، تتكدَّس القضايا العادلة ، دون أي تحريك لساكن . بل تمجيد لبعض الأشخاص و تكبُّر على بعض آخر لم يذق يوماً طعم الإنصاف و الحق المشروع الذي يكفله القانون ، وممَّا تشمل هذه الملفات حالة اقتصادية ، ذات انعكاس كبير و حيوي في منظور كل مجتمع و كل جماعة نظراً للمزايا الكبيرة التي تُسديها على الواقع المعيش ، إنها الأسواق ، حيث نجد البعض يزدري كل الازدراء بها.كما هو الحال بالنسبة لسوقين موجودين بمقاطعة أزويرات ، تلك التي نالت حظَّها الكبير من النسيان إن لم نقل التناسي المتعمَّد من أشخاص بعضهم يمنُّ على الساكنة نصيبها من الخيرات الذي لم يكتمل حتى ترضى و بعضهم يتوعّد وهو في قمة الجهل و البخل على نفسه الضعيفة التي جنا منها أكثر من مرة.
سوق الحي الذي يقع شمالي غرب المدرسة رقم اثنى عشر، حيث صار مرتعاً لسرقات اللُّصوص و مرمى لها في ليالي الصيد الثمين حسب مصطلحات خبراء السُّراق و كذلك سوق الزملة البلدي [انْتِيدْ] الذي تلقى دعماً سخياً من منظمة أجنبية غير حكومية إلاَّ أنه اتجه في غالبيته العامة إلى الجيوب مماَّ زاد القضية تعقيداً ، وربما لم يسلم نصيب مجال التشغيل من التقتير و الإقصاء و إيعاز الجهلة لتولي مناصب الدولة في المرافق العمومية التي أصبحت في معظمها أمكنة لتناول الفطور على طريقة أحداث السن ، حيث لا يزال هناك الكثير من أفراد الشباب الذين يُصوَّرُ لهم المجلس الأعلى للشباب بوصفه انتقائياً في منهجه ، على أنه مضمار الشباب المعاصر الذي وافق في تصرفاته روح الحداثة على حدّ تعبير منْ راموا إملاءات الغير غير المقبولة ، بعدما انغمسوا في سراديب أخلاقه غير الحميدة و ما خفي أعظم. حتى يقع شبابنا ذوي الكفاءات المتميِّزة في فخ التبعية العمياء ، التي تأسَّست على التكبر على ضعاف المواطنين و التنصُّل من حقوقهم و الخيط الرفيع الذي يجمع الكل بالوطن الغالي ، ليجدوا أنفسهم أدوات لا حراك بهم ، نعم ، تهميشٌ ممنهجٌ في ساحة زمور ، و تُرّهات أشخاص عرفتهم الساحة عن قرب في مواقف مضت ، اليوم هم لنفس الشعار حاملون ، ربما أصابهم إفلاس ماديٌّ بعد إفلاسهم القيمي ، إنهم منا حقاً ، ولكنهم خانوا العهد و شكوا الملة ، تباً لهكذا تصرُّفات ، فبدل أن يحملوا شعار التنمية المستدامة و إنصاف المظلوم كما نصّت توصيات رئيس الجمهورية حفظه الله و رعاه و أرشده إلى ما فيه الخير كل الخير ، هاهم يتنكّرون للجميل ، لذلك الحضن و الحاضنة المجتمعية التي تربّوا في أحضانها و نعِموا بدفئها ، و أُسْعِدوا أكثر من مرة ، تباً له من سباق محموم ، فيه يتنافس خُصَمَاءُ الغدّ ، الذين يهينون كرامة الفرد و يطمسون هوية المجتمع ، و يمنُّون القليل مما لا يملكون ، نعم ، ربما خانتهم عملة العصر ، فخالوا أنفسهم من خيرة أهله و أنهم الحماة الذين يذودون عن الحمى و يُكرِّمُون الصغير و الضعيف....
مضمار، بلا إنذار ، الهمم فيه تؤوَّلُ حسب ترتيبات المُوَجِّه الأول و هو مصلحة البعض الخاصة دون المصلحة العليا و الأسمى للوطن ، حيث التسابق في جمع المال و الجاه ، وتخريب الدار و التفريط في القرابة ، التي بها التأمت لحمة المجتمع و تآخى حتى ، صار حقاً كالبنيان الواحد ، جسراً رصيناً و متيناً ، و لكن ، بعد تهاون القريب و الابن و الأخ ، وبعض الأخوات ، سقط السقف و تهشَّمت السقيفة ، حتى ما عاد أحد يُطيق المكوث في الدار ، فماذا أصابها من خراب ، إنه انعدام الوطنية التي اختفت مرَّات و مرَّات و أُفْرِغت من جوهرها ، حتى ظنَّها البعض أغنية عُزِفت سيزيفياً ، فهي بالنسبة للمنصفين منهم ، بالية ما عادت تصلح لهذه الأزمان ، التي يتخبّط فيها المرتزقة من أصحاب الأوتار من سدنة أصحاب الدستور و خصمة أرض زمور ، حيث لم يعطوها حقها بتشريف ساكنتها ، سوى بعض الأماني التي لم يلتزم أصحابها سوى بتخريب العقول و ملء البطون !!!