المرابط ولد محمد لخديم
رئيس الجمعية الوطنية لتأليف والنشر
منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه دماء الجرح الفلسطيني في سيلانها, والكتاب يكتبون ويؤلفون, والخطباء يخطبون ويزمجرون, والقادة يتداعون ويتناقشون, ويتجادلون وينفضون. فألقيت آلاف المحاضرات, والقصائد والخطب, وحبرت عشرات الآلاف من المقالات , والكلمات , وعقدت مئات الاجتماعات ثم تلتها البيانات والتوصيات,وكل هذا من أجل القضية التي باعها البعض وجلس البعض الآخر على أريكته متفرجا ينتظر المساومة..
حينما قررت أمريكا فتح سفارة بالعراق قام صدام بتسمية الشارع المقابل للسفارة بشارع فلسطين ليجبر الأمريكان على كتابة اسم فلسطين في مراسلاتهم من و إلى السفارة كما قام بتسمية الشارع الذي يقع خلف السفارة الأمريكية بشارع القدس..
ولقد قامت السلطات الموريتانية بتسمية أهم ساحة عندها بساحة القدس مع وضع مجسم للمسجد الأقصى فهل كانت موريتانيا على علم بهذه القضية وهي تحاكيها الآن ؟ وإنما انتظرت حتى يكتمل بناء المقر الجديد للسفارة الأمريكية ومن المعلوم ماسيتبع ذالك من تدشين وحضور البعثات الدبلوماسية والهيآت الدولية والإقليمية لتقول من خلالهم للعالم وخاصة أمريكا أن للأقصى والقضية الفلسطينية مكانة كبيرة في وجدان الموريتانيين، نظرا لرمزية المسجد الأقصى الدينية، باعتباره أولى القبلتين مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أم أن هذا إنما أتى مصادفة؟
وهل في اختيار المكان والزمان رسالة لأمريكا؟ وعناوينها ومراسلاتها وتبجح رئيسها الحالي دونالد ترامب الذي وعد في حملته أن سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس برفض موريتانيا لذالك!!
بالنسبة لي شخصيا لا أومن بالصدف فحادثة تسوية السفارة الاسرائلية مع الأرض ليست ببعيد!!
فأعتبر هذا الانجاز عملا عظيما وهدفا نبيلا يشرف المرابط في موريتانيا الذي يرابط دائما في زمن لارباط فيه شقيقه الفلسطيني رغم بعد المكان وطابع الجغرافيا وهو إذ يملأ بالذي يراه عينا، يملأ به فكرا، ويملأ به قلبا. وان لم يكن موجودا في أرض المعركة بجسمه, فانه يعيشها من موقعه عاطفة وعقلا....
يشرف موريتانيا أن تكون هي الأولى في المغرب العربي التي تنصب هذه القبة الرمز.في أهم شوارعها(أنواذيبوا) في عاصمتها نواكشوط. وكأن لسان حالها يقول: يجب على الجميع أن يرى هذا النصب وأن يبقي في قلوهم إلى الأبد مرددين مع شاعرهم الكبير أحمد ولد عبد القادر:
يا فلسطين يا فريسة عصر لقوى الشر عيره غليان
حطمي اليأس بالنضال وثوري في مسار قوامه الشجعان
لا يرد الحقوق إلا دماء تتلا لا كأنها الأرجوان
فعصب الحياة مازال حيا يقذف الموج نبعه الريان
سلمى الشعب وامنحيه انطلاقا فبغير الشعوب لا يستعان
أيها ألاجئ المشرد ظلما أيها النور أيها الإنسان
لا تدع حقدك الدفين رفيقي حسرات يلوكها الوجدان
حول الحقد نقمة وجحيما يتلظى لهيبه الجذلان
ومع الأخوين رحباني بغناء فيروز:
سنرجع يوماً إلى حيّنا ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمرّ الزمان وتنأى المسافات ما بيننا
فهل بصبح المجسم حقيقة؟ ونصلي يوما عند جنبات المسجد الأقصى وقبة الصخرة في فلسطين وليس في مجسم نواكشوط موريتانيا.