يحيل قانون الشغل الموريتاني في المادة 51. طريقة حساب بدل التقاعد الى الاتفاقية الجماعية للشغل ..والتي تحدد طريقة ذلك في المادة 31.
وهنا فنحن نتحدث عن إحدى أكثر المواد غموضا وأكثرها قابلية للتأويل والتفسير .
ودليل ذلك هو انها كانت ولاتزال موضع تحاكم وتقاضي بين مختلف الاطراف .ومما يزيد الأمور غموضا هو وجود احكام صادرة تدعم كل من وجهات النظر المختلفة.
وهنا لا بأس ببعض التفصيل.
فالمادة 31 آنفة الذكر .
-هي التي تحدد طريقة حساب بدل الفصل indemnité de licenciement
وهو الذي يتلقاه العامل في حالة فصله من قبل المؤسسة.
-كما تحدد ايضا طريقة الفصل لأسباب اقتصادية indemnité de licenciement économique.
-وفيما يخص بدل التقاعد indemnité de départ à la retraite.
فإنها تحسبه بنفس طريقة حساب بدل الفصل حيث تقول بالحرف :
"ويحسب هذا التعويض علي نفس الأسس والقواعد التي يحسب عليها تعويض الفصل عن العمل.
ويحدد مبلغه بنسبة مئوية من تعويض الفصل عن العمل حسب الجدول التالي:
أكثر من سنة واحدة وأقل من خمس سنوات 30 %
أكثر من 5 سنوات وأقل من 10 سنوات 50 %
أكثر من 10 سنوات وأقل من 20 سنة 70 %
أكثر من 20 سنة 100 %
وهو ما معناه ان بدل التقاعد لا يكون مماثلا لبدل الفصل إلا عندما يتجاوز العامل 20 سنة من الخدمة.
وهنا لابد من تسجيل بعض الملاحظات على هذا القانون.
- قد لا ينال العامل في اغلبية حالاته بدل الفصل لان الاغلبية تكمل مشوارها الوظيفي الى سن التقاعد. بينما التقاعد هو باب والجميع خارجون معه بإذن الله.
-بدل التقاعد هو أهم مردود ينتظره العامل طيلة مشواره المهني و آخر تعويض يناله في حياته..لذا فكان من المستحسن ان تفرد له مادة تحدده بوضوح بشكل حسابي دون ترك اي باب للجدال والتأويل، وان لا يقاس على بدل آخر غير حتمي التحقق كبدل الفصل.
ومما بدر فقد اتضح ان بدل التقاعد هو نسبة من بدل الفصل تبلغ 100% عندما يبلغ العامل 20 سنة من الخدمة..وبالتالي فقد صار لزاما علينا ان نعرف طريقة حساب بدل الفصل لمعرفة حساب بدل التقاعد. .
وهنا اقتبس من المادة 31 :
"ويتمثل هذا التعويض لكل سنة من العمل في المنشأة في نسبة مئوية معينة من معدل الأجـر الإجمـالي
الشهري لاثني عشر شهرا من النشاط سابقة لتاريخ الفصل عن العمل.
ويقصد بالأجر الإجمالي جميع التعويضات مقابل العمل، باستثناء التي تكون في شكل إرجاع مصاريف.
وتحدد النسبة المئوية كما يلي:
• 25 %للسنوات الخمس الأولى؛
• 30 %للفترة التي تمتد بين السنة السادسة والسنة العاشرة بدخول الغاية؛
• 35 %للفترة التي تمتد بعد السنة العاشرة.
في تفصيل الحساب على الأسس المذكورة أعلاه يجب اعتبار أجزاء السنة"".. ....انتهى الاقتباس.
اذا فلكي نقوم بحساب بدل التقاعد فإنه يجب علينا ان نحسب .الراتب المعياري salaire référentiel .
وهو المعدل من جمع جميع الرواتب المتحصل عليها في ال 12 شهرا الاخيرة والتي تسبق تاريخ الاحالة الى التقاعد.
ملاحظة .لا تعتبر الاشهر التي تحتوي على ارجاع مصاريف remboursement.
وفي المحصلة فالحساب يتم بعد معرفة الراتب المعياري والذي يضرب بدوره في الجدول المبين في طريقة حساب بدل الفصل.
وإنطلاقا من كون هذه الصيغة هي الاكثر إجحافا بالعمال فهناك عدة شركات قد أخذت الفصل الاقتصادي كطريقة لحساب بدل التقاعد ..بدلا عن طريقة الحساب الآنفة نظرا لأفضليتها بالنسبة للعامل. ليس لالزام قانوني بقدر ماهي لفتة انسانية وأخلاقية اتجاه عامل افنى ما يزيد على الثلاثين عاما في خدمة مؤسسته والتفاني في ذلك.
ومن هنا فقد كان على الشركة الوطنية للصناعة والمناجم ان تعامل عمالها بشيء من العرفان ..وبدل من ذلك فقد تعللت بأنها تكتفي فقط بما يلزمها به القانون في هذا الاطار وتمترست خلف تلك الحجة وخاضت في النزاعات في المحاكم ضد ابنائها وابطالها..وساعدها في ذلك كسبها لبعض القضايا .
ومن هنا فلابد من الإشارة لأمر جوهري..
ففي اغلب القضايا التي كسبتها سنيم في المحاكم كان مرد ذلك الى سوء تكييف القضايا من الاساس .فقد كانت ترفع في المحاكم تحت دعوى المطالبة بالحساب على طريقة الفصل الاقتصادي .الشيء الذي رأت المحاكم عدم الزاميته.
بيد ان اغلب القضايا التي تم رفعها بتكييف سليم خسرت سنيم في اغلبها.ولكنها لطالما كانت تتقن المكر فتظهر خسارتها لتلك القضايا بعيدا عن اية مظاهر للخسارة .
ففي العام 2013 حكمت محكمة ابتدائية للشغل في دعوى جماعية ضد سنيم بدفع مبلغ يناهز 40 مليونا للمتضررين.
وكالعادة لجأت الشركة الى الاستئناف والذي حكمت محكمته بتأكيد الحكم السابق..لم يكن امام الشركة حينها من درجات التحكيم الا التعقيب لدى المحكمة العليا..وهناك فرق بين التعقيب والاستئناف وهو ان توضع ضمانة نقدية بمبلغ التعويضات لدى احد البنوك في حالة التعقيب.لم تتعب الشركة نفسها في الذهاب الى المحكمة العليا .لعلمها ان الخسارة حتمية .وأمر القاضي بسحب المبلغ لفائدة المتضررين .بعد ان استنفذت الشركة الآجال القانونية.
وهنا نجحت الشركة في الايحاء للراي العام بأن تعويض ال 40 مليون كان نتيجة لتأخرها عن الاجل القانوني ..محولة بذلك الانظار عن كونها قد خسرت القضية من الاساس.
وتم اخبار المناديب في نواذيبو وازويرات بذلك..كما تم الايعاز لبعض المواقع للكتابة تحت عنوان..محامي سنيم يتسبب في تعويضات ب 40 مليونا بعد تأخره في ايداع التعقيب لدى المحكمة العليا ..
أي إيهام هذا !! وهنا اعترف لهم بالاتقان التام في كل مايتعلق بالمكر والتدليس.
وبالرجوع الى محور الحديث. فقد عرفنا سلفا طريقة حساب بدل التقاعد وهو بتحديد الراتب المعياري وضربه في النسب وفق طريقة حساب بدل الفصل ..الا اننا لم نشرع بعد في فضح وتبيان طريقة تحايل سنيم وسرقتها للمتقاعدين.
حيث نستطيع وصفه بالكيل بمكيال مغشوش.
فمما بدر عرفنا بأن الراتب المعياري هو جمع رواتب الاثني عشر شهرا وتقسيمها عل 12.
ولكن عن أي راتب نتحدث ..هل نتحدث عن؛
الاجمالي المقبوض net a payer ؟
ام..الراتب الخالص brut total.؟
ام اننا نتحدث عن كل المستحقات التي تظهر على الكشف تحت مسمى gains.؟
وهنا تتبجح سنيم انها تأخذ الراتب الخالص بعين الاعتبار وتجري عليه بقية الحسابات على اساس ان الراتب المقبوض net a payer مجحف بالعامل فمن أين اتت ياترى هذه اللفتة الانسانية؟ علما بان هناك خانة اخرى في كشف الراتب أكثر ربحية للعامل اذا اريد له حقا ان ينال حقوقه كاملة.
الا وهي خانة المستحقات gains وهي التي يقصدها القانون حين يقول :
"ويتمثل هذا التعويض لكل سنة من العمل في المنشأة في نسبة مئوية معينة من معدل الأجـر الإجمـالي
الشهري لاثني عشر شهرا من النشاط سابقة لتاريخ الفصل عن العمل.
ويقصد بالأجر الإجمالي جميع التعويضات مقابل العمل، باستثناء التي تكون في شكل إرجاع مصاريف""
انتهى الاقتباس.
في الفقرة الاخيرة يتبين بوضوح ان معدل الراتب المعياري
يؤخذ من جميع التعويضات مقابل العمل من راتب وعلاوات .بل وحتى من تعويض الضريبة على الاجور. فهي لم تعط مقابل زرقة في عيني العامل بل مقابل ما قدمه للمؤسسة من عمل.
والشواهد في هذا التحايل كثيرة والكل يعرف قصة احد المدراء السابقين للمصادر البشرية الذي هدد الشركة باللجوء الى العلن وفضح ما تقوم به بعد ان حسبت له بدل التقاعد بصيغة العموم. لتتراجع عن ذلك بسرعة وتزيد له في الحساب بل وحتى اكتتبته بعد ذلك كعقدوي .
نفس القصة قام بها احد رؤساء مصالح الاشخاص السابقين وعومل بنفس الاجراءات مع سابقه.
هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك مستور في طريقة حساب بدل التقاعد ولايراد للعموم الإطلاع عليه
هؤلاء هم خزنة السر والعارفين به وتلك طريقة معاملتهم من جانب الشركة.
ومن هنا فإنني أغتنم الفرصة للايضاح بان العالم اصبح قرية واحدة وان الرهان على جهل العامة وسكوت الخاصة قد ولى.وان عامل اليوم مثقف ويفهم في كل الأمور. وبأن هذا المقال ياتي فقط لكشف مكامن الخلل انطلاقا من خلفيتي النقابية بعيدا عن اية حسابات مرحلية وإيمانا واحتراما لذلك الواجب النقابي.
وإذ أكتب في هذا الوقت فإنني أنبه في الوقت ذاته الإدارة الجديدة للتحقيق في الامر بعيدا عن المواقف المسبقة والقراءات الخاطئة. وعن طريق قانونيين من خارج جسم المؤسسة ،كما ادعوهم لتعويض المتضررين السابقين وتصحيح الوضعية في قادم السنين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.