تعتبر المسارعة للخيرات والبحث عن الأجور من الأمور التي حض عليها الشرع ورتّب على كل ذلك أجرا عظيما لما في الخير من تربية للنفوس وترقية لها ، وإذا أردنا أن نتوسع في تفصيل الخيرات وتعدادها سوف يطول بنا الموقف؛ لذا كانت الدعوة في القرآن والسنة تقوم على المسابقة والمسارعة لكل ما فيه نفع آجل أو عاجل للنفس والغير ، وقد جاء في الحديث الشريف:( في كل ذي كبد رطبة أجر) ويعظم الأجر وتتأكد المسؤولية كلما تعدى الخير للغير لما في ذلك من بعد عن الأنانية والنرجسة ،وقد جاء في الحديث الصحيح : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب ويُرى ذلك في وجهه إذا أصابت الفاقة والحاجة أحدا من أمته بينما يبيت هو طاويا الليالي ذوات العدد كما وقع مع وفد مضر وغيرهم ، وتتأكد المسارعة والمسابقة كلما تذكر الإنسان أن قواطع وخوارم كثيرة تترصّده للقضاء عليه وعلى ملكاته من مرض أو هرم أو فقر أو غنى ، فالزمن مليء بالعثرات المتتالية التي لا ترحم ، وكم ممن هو من نزلاء المقابر يتمنى لو كانت له كرة فيسارع ويبادر للإصلاح والمساهمة في النفع العام ،إن الحياة تزدحم بكثير من الفرص التي تحتاج منا إلى أن نبادر بالإصلاح فيها ، فالعمل الإنساني والخيري مجال رحب يتسابق فيه الخيّرون لإغاثة ملهوف أو فك عان أو إطعام جائع أو ستر عار ،ويحدوهم الأمل في الأجور الكبيرة، فقد جاء في الحديث الحسن:(الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ،وأحسبه قال: كالصائم الذي لا يفطر وكالقائم الذي لا يفتر) وكم من أرملة مهمَلَة في ضاحية منسية ،والأدهى والأمر إن كانت تعيل أجداثا قد اكتووا بنار اليتم ،أما العمل الدعوي والتعليمي فحدث ولا حرج ، فالجهل بضروريات الشرع قد عم وطم ؛ وقلّ من يدعو لخير رغم ما يترتب على ذلك من أجر ، ففي الحديث الصحيح: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا) والمسابقة والمسارعة للخيرات إلى ذلك مجال رحب يضرب فيه الكل بسهامهم فيصيبون المحز، وهذا الطريق يسع الجميع، فالخير كثير، والمحتاجون إليه أكثر ،وصنوفه مما يسيل له لعاب الصالحين عقب الله عز وجل بقوله:{وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
. الأستاذ : سيد محمد ولد عبد الله