الحمد لله البر الجواد الكريم، القابض الباسط الرحمن الرحيم، نحمده تعالى على فضله العظيم، وإحسانه العميم، أيها القارئ الكريم نريد أن نتحدث في هذا المقال عن الإنفاق الذي هو التجارة الرابحة في المستقبل دنيويا و أخرويا قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 261]، شبه الله سبحانه النفقة في سبيله بمن بذر بذراً فأنبتت كل حبة منه سبع سنابل، اشتملت كل سنبلة على مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء، وهذا بحسب حال المنفق وإيمانه، وإخلاصه، وإحسانه، ونفع نفقته، فإن ثواب الإنفاق يتفاوت بحسب ما يقوم بالقلب من الإيمان، والإخلاص، وأحب الناس إلى الله أنفعهم لعباد الله2، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد))3، وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبدٍ مسلم ينفق من كل مالٍ له زوجين في سبيل الله إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده)) قلت: وكيف ذلك؟ قال: ((إن كانت إبلاً فبعيرين، وإن كانت بقراً فبقرتين))4، وعن خريم بن فاتك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له بسبعمائة ضعف))5وللاسف مدينتنا الحبيبة ازويرات منذ ستين سنة هي كثيرة التجار و الأغنياء و الأسواق لكن ستجد فيها ذكر فندق و سوق أهل فلان و أهل علان من من ملك و ملك(اعطى) لكن لن تجد وقفا لأهل فلان و لا لأهل علان لعدم معرفة أهمية الأوقاف .و فاتهم أن من أنفق في سبيله زاده وأخلف عليه، قال الله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ: 39]، واعلموا أن الإنفاق في سبيل الله من أعظم أبواب الخير وأجلها، وأبركها, وأنفعها، فما أنفق شخص في سبيل الله إلا رفع الله شأنه، وأعلا مكانته، وأعظم منزلته، فهو في سعادة وطمأنينة، وماله في نمو وزيادة، فهنيئاً للذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، لا يريدون بذلك إلا وجه الله، ثواب عظيم, وأجر جزيل، ورزق كريم، ومغفرة من الله، وذكر جميل، ومدح طويل، ونفس طيبة وقلب منيب أواه، وعمل مبرور، وسعي مشكور،قال الحسن البصري في قوله تعالى: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة } ، قال : هو البخل روي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال : لما أعز الله الإسلام وكثر أهله رجعنا إلى أهالينا وأموالنا نقيم فيها ونصلحها فنزلت ، { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة } أي بالإمساك وحب المال فإنه يؤدي إلى الهلاك المؤبد ، ولذلك سمي البخل هلاكاً وهو في الأصل انتهاء الشيء في الفساد ،
وقيل في تفسير قوله تعالى:{ وأنفقوا في سبيل الله } الإنفاق صرف المال إلى وجوه المصالح والمراد بالسبيل الدين المؤدي إلى ثواب الله ورحمته فكل ما أمر الله به من الإنفاق في إعزاز الدين وإقامته فهو داخل في هذه الآية سواء كان في إقامة الحج أو العمرة أو جهاد الكفار أو صلة الأرحام أو تقوية الضعفاء من الفقراء والمساكين أو رعاية حقوق الأهل والأولاد أو غير ذلك مما يتقرب به إلى الله تعالى، فما أحوج أهل الرخاء منا إلى فهم أن الإنفاق أنه متعدد الأوجه: إنفاق الأغنياء من أموالهم ، وإنفاق العابدين بنفوسهم لا يدخرونها عن العبادات والوظائف ، وإنفاق العارفين بقلوبهم لا يدخرونها عن أحكامه ، وإنفاق المحبين بأرواحهم لا يدخرونها عن حُبِّه .
و قيل إنفاق الأغنياء من النِّعم وإنفاق الفقراء من الهِمَم.
وقيل إنفاق الأغنياء إخراج المال من الكيس ، وإنفاق الفقراء إخراج الروح عن أنفس النفيس ، و إنفاق الموحِّدين إخراج الخَلْق من السِّر
فأنفقوا في سبيل الله من أموالكم، وممتلكاتكم، وثرواتكم، لكي تفوزوا برضوان ربكم، وجناته، وتستظلوا يوم القيامة بظله، لقوله صل الله عليه وسلم :(كل امرئ يوم القيامة تحت ظل صدفته فليقلل أو ليكثر) وتعملوا بذلك على دعم الروابط الاجتماعية, والأسرية وتقووا بذلك الصلات بين أفراد المجتمع، فهذا دليل على أن المنفق في سبيل الله ذو طبع سليم، وأريحية كريمة، ثم إن الإنفاق في سبيل الله مدعاة لنصر الله عز وجل لهذه الأمة المسكينة الضعيفة المنكوبة في أفرادها وحكامها و عاداتها
فعلى الأغنياء أن يعلموا أن الدنيا مطية الآخرة فليغتنموا نعم الله لينالوا نعيم الله في الدنيا والآخرة ولا يكتفوا بنعيم الدنيا الفاني وفقنا الله وإياكم و جعلنا من الأغنياء الأسخياء الأتقياء آمين