ارتفع سعر خام الحديد بشكل طفيف في الأسواق العالمية، إذ سجل أمس الإثنين أعلى سعر له في مستهل تداولات شهر أغسطس، وذلك بفعل 61 دولار للطن (تركيز 62%) حسب مؤشر plats و62.27 دولار للطن حسب مؤشرMBIO . ويأتي هذا الارتفاع بعد شهر من نشر مقال لي بعنوان" إلى أين تتجه أسعار خام الحديد خلال النصف الثاني من 2016" والذي توقعت فيه أن تتميز الأسعار بتحسن طفيف على على المدى القريب وذلك عكس ما ذهبت إليه توقعات بعض كبريات المؤسسات العالمية المالية.
ومع نهاية الأسبوع المنصرم غيرت مجموعة جولدمان ساكس (Goldman Sachs) من توقعاتها السابقة ، حيث توقعت أن يتراوح معدل الأسعار خلال الثلاثة، والستة الأشهر القادمة بين 50 إلى 40 دولار للطن بدل توقعاتها السابقة التي كانت تتوقع معدل للأسعار يتراوح بين 35 و45 دولار للطن .
هذا التحسن الطفيف في أسعار خام الحديد جاء بعد سلسلة من التذبذبات في ظل ضغط على أسعار المعادن خاصة المعادن الصناعية بسبب صعود الدولار، وفي ظل استمرار الحكومة الصينية في سياستها التحفيزية للاقتصاد عن طريق الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والعقارات أكبر مجالين مستهلكين للحديد، وقد صرح أحد المسؤولين الصينيين الكبار في مايو المنصرم أن الصين تعتزم استثمار حوالي 4700 مليار يوان خلال الثلاثة سنوات القادمة لتطوير وإنشاء 303 مشروعا في مجال البنية التحتية للمواصلات.
كما يأتي هذا الارتفاع في ظل الحديث عن استثمار 133 مليون دولار لتطوير مشروع خامات الحديد في إقليم كيبك الكندي، وتملك الشركة الهندية تاتا ستيل حصة الأسد في هذا المنجم عن طريق الشركة التابعة لها Tata Steel Minerals Canada. وتشير بعض الدراسات الحديثة للخطط الإنتاجية التوسعية لكبريات الشركات العالمية على احتمالية إضافة ما يقرب من 650 مليون طن في الفترة ما بين (2014-2020 ) ،كما تظهر خطط الإنتاج للأربعة الكبار خلال السنوات الخمسة المقبلة إلى إمكانية زيادة طاقتها الإنتاجية بحوالي 400 مليون طن.
وقد جاء هذا الارتفاع في ظل الحديث عن عقد اتفاق بين الحكومة البرازيلية وعملاق التعدين العالمي بي اتش بي بيليتون (BHP) بموجبه ستدفع الشركة حوالي 1.3 مليار دولار كتعويضات عن الخسائر الفادحة الناتجة عن اكبر كارثة بيئية في تاريخ البرازيل نجمت عن انهيار سد لنفايات المناجم مطلع نوفمبر2015. و كذلك حدث هذا الارتفاع في الأسعار في ظل إعلان مجموعة فورتيسك ميتالز استورالية (FMG ) عن حجم صادرتها لنصف الأول من السنة الجارية و مخططها لرفع صادرتها خلال السنة القادمة إلى 170 مليون طن بتكلفة إنتاج تتراوح بين 12 -13 دولار للطن، وإعلان شركة فالي البرازيلية (Vale) عن نيتها حصر حجم إنتاجها لسنة 2016 بين 340 إلى 350 مليون طن، وكذلك إعلان شركة ريو تينت (Rio Tinto ) عن نيتها تصدير 330 مليون طن خلال السنة الجارية .
لكن ارتفاع الأسعار هذا يأتي أيضا في ظل مؤشرات على فشل سياسة تخفيض إنتاج الصين من الصلب الخام التي تبنتها مؤخرا ويعول عليها كثيرا في تسريع وتيرة حلحلة أزمة التخمة التي بدورها تؤثر على مستقبل الأسعار، حيث تشير إحصائيات الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية على مستوى الثلاثة الأقاليم الرئيسة لإنتاج الصلب الصيني، إلى أن إنتاج الصلب الخام بلغ ( 83522700 طن) في إقليم خبي، و(45909800 طن) في إقليم جيانغسو، و( 29196300 طن) في إقليم شاندونغ، بزيادة قدرها 0.3 %، و 2.19 %، و 5.47% على التوالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وفي ظل أيضا تزايد المخاوف من حجم الديون المتراكمة على الشركات الصينية المملوكة للدولة المشاركة في تطوير مشاريع البنية التحتية، وكذلك في ظل اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارا برفع رسوم مكافحة الاغراق على قضبان الصلب الصينية. على كل حال ورغم وجود تباين في مؤشرات السوق العالمي لخمات الحديد، فإن بعضها يعتبر مؤشرات إيجابية، و خاصة هذا الاستثمار الضخم في منجم الحديد الكندي، والخطط التوسعية في الإنتاج التي قد تدل على قرب نهاية أزمة الأسعار، وبداية انتعاش وعودة ثقة المستثمرين في مجال مناجم الحديد.