دعوة لإستقالة الأطر الرشداء

من غرائب الأحوال أن يبقى العقلاء عالقين لأسبوعهم السادس و قد قيّد حركتهم خيط عنكبوت يتصوّرونه سلاسل من حديد لا قبل لأحد بها و لا سبيل للتخلص منها فهي عندهم القدر  الذي لا خيار معه... هذه الصورة تبدو مسيطرة على المشهد الذي يلخص حالة الشركة الوطنية للصناعة و المناجم   منذ أكثر من شهر.

 في محاولة لتكملة الصورة جاء تدخل وزير المعادن و الطاقة الذي زار مدينتي انواذيبو و ازويرات أخيرا حيث  قال-ما معناه تقريبا- مخاطبا عمال اسنيم " لكم أن تختاروا بين خيارين اثنين:  الأول أن تعودوا الى أماكن عملكم (بخفي حنين)  و الثاني  أن تنهار الشركة (على رؤوسكم) "... هيّا اختاروا....

ماهذا الكلام؟... و أي أفق واطئ ينتج لنا مثل  هذه الخيارات؟... و أي عقل سوي قادر على ابتلاع  مثل هذا الخطاب؟... ألم يعد في هذه الشركة العريقة العتيقة رجل رشيد قادر على التفكير بشكل مختلف؟... و أين ذهب الرشداء؟... أم أنهم في أماكنهم و سباتهم صامتون...؟

من المؤسف أن  الرشداء العقلاء من أطر المؤسسة  الذين  نعرفهم و نعرف ذكاءهم و جديتهم و إخلاصهم و تفانيهم –ككل العمال- في خدمة المؤسسة ... من المؤسف أنهم مقيدون أيضا بخيط عنكبوت ... و خيطهم المقيّد هو فكرة أن "الإطار يمثل المؤسسة  و عليه أن يبقى أبدا  إلى جانب سياساتها و قراراتها الصائبة و المخطئة على طريقة  صاحب غزية المشهور". تلك هي العقلية التي غرست و نمّيت عبر السنين في رأس كل إطار من أطر الشركة الوطنية للصناعة و المناجم"اسنيم"...

على كل حال بإمكان الرشداء من أطر اسنيم أن يكتشفوا أن الذي يمنعنا من الخروج على مسار الحلقة المفرغة هو خيط عنكبوت لا أكثر... ذلك أن الأزمة في بدايتها و حقيقتها غاية في البساطة... عمال يريدون من مؤسستهم أن تفيّ لهم  بالتزاماها أو تبيّن لهم بما لا يقبل الشك أنّ ثمة عوامل موضوعية تمنعها الى حين من الوفاء بالعهود و الالتتزامات ... هذا هو كل شيء... هل رأيتم شيئا أكثر بساطة من هذا الإشكال أيها الرشداء؟...

بإمكانهم كرشداء أن يكتشفوا أيضا أن ثمة خيارات أخرى غير خيار السيد الوزير المذكور و غير الخيار المنسوب للرئيس المتمثل في استبدال العمال المضربين  بفرق من القوات البحرية و –أيضا- غير خيار المدير المتمثل في الترقيع من خلال المتقاعدين و المتدربين و قادة الفرق و كل من هبّ و دبّ ... مثل هذه الافكار لا يمكن أن تصدر عن رجال دولة أو قادة مؤسسات بل هي شبيهة بأفكار  زعماء نوادي أوكار الفساد...  و في أخف الأحوال هي نتيجة لتفكير واطئ و بسيط الى جدّ الغباء...

 الرشداء –إذن- مدعوّن لسحب البساط من تحت أقدام أصحاب التفكير البسيط و الرؤية الواطئة تلك بوصفهم قوة توازن و صمام أمان يمنع السفينة من الغرق ... فذلك لا يفسد كونهم الجزء الرئيس في المؤسسة المعبر عنها و عن سياساتها بل هو ما يجعلهم بالفعل كذلك ...

من الخطوات العملية في هذا الاتجاه :

أولا : تشكيل لجنة إتصال من الأطر الرشداء  تقوم ببلورة رؤية جادة تخرج بالمؤسسة من وضعها الكارثي الى بر الأمان ثم التوجه بها الى الوجهة الصحيحة على المسار الصحيح.

ثانيا: الاتصال بالمؤسسة و الدولة من ناحية و بممثلي العمال من ناحية أخرى بهدف خلق حل توافقي يربح منه الجميع و تتجنب به المؤسسة مصير الانهيار.

ثالثا: تحديد سقف زمني- لا يتجاوز أسبوعا - لكل أطراف الأزمة لحل جميع الإشكالات على طاولة المفاوضات.

رابعا:  تقديم استقالتهم الجماعية من وظائفهم في حال تعنت  المؤسسة و رفضها للحوار بوصفها الطرف المسؤول و الأقوى و الأقدر على إيجاد حلول مناسبة.

 بذلك يكون الاطر قد برّءوا ذممهم و أبانوا عن موقفهم و خطوا الخطوة الصحيحة على الطريق الذي خطى عليه الفنيون السامون قبلهم ...  فمن المعيب و الغير أخلاقي و غير المسؤول أن نرى السفينة تغرق في بحر الانهيار و لا نحرك ساكنا بحجة أننا أطر... صدّقوا أو لا تصدّقوا لن يبقى لكلمة أطر أي معنى بعد أن تحل الكارثة ... فكروا في الأمر مليا ... فالأمر جدّ أيها السادة الأطر.

المهندس.أ. ولد محمد عبد الرحمن.

___________________________________________

ملاحظة:

الكتابات أوالآراء الواردة في الموقع لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الموقع وإنما تمثل وجهات نظر أصحابها.