عندما خلق الله تعالى الإنسان كرّمه عن بقية الكائنات الحيّة بالعقل والتفكير، ، وفطره عز وجل على حبّ الجماعة والتواصل وكره العزلة والإنطوائيّة، وأوجب على كل واحد احترام أخيه الإنسان والابتعاد عن إهانته أو تجاهله، ومن الأمور التي تساعد في تطبيق مبدأ احترام الإنسان هي محاورته. و يحتاج الإنسان الى الحوار في مختلف مراحل ومواقف حياته، فقد أوجب علينا الإسلام الاستماع لرأي الآخرين وحسن الإنصات لهم واحترام رأيهم، فالحوار هو لغة التفاهم بين الناس والوصول إلى مكنونات الشخص الداخليّة.
وقد ضرب لنا الله عز وجل أروع الأمثلة في الحوار عند ما خلق سيدنا آدم حيث أنّه عز وجل حاور الملائكة أنه سيخلق في الأرض خليفة لعبادته، قال تعالى في سورة البقرة ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))، وكذلك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فقد اتبع أسلوب الحوار مع الصحابة في كثير من الأمور التي تستوجب ذلك وكان لا يستصغر أحد على الحوار، وكذلك فعل جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام من قبله صلى الله عليه وسلم.
ونحن امة هذا النبي صلي الله غليه وسلم وخير خطى نتبعها هي خطاه و بذلك نجد أهمية الحوار في حياتنا تحقيق المحبّة بين أفراد المجتمع الواحد، فالحوار يولّد لدى الفرد الراحة، وعدم الكبت، والشعور بالعدل. تحقيق العدالة، ففي بعض القضايا لا يجوز اتّخاذ أي إجراء دون محاورة جميع الأطراف من أجل تجميع أكبر قدر من المعلومات للقدرة على اتّخاذ الإجراء المناسب والصحيح، فغياب الحوار يولّد غياب جزء من المعلومات وبالتالي عدم اتّخاذ القرار الصائب على الأغلب.
عند محاورة الأطفال في المراحل الأولى من حياتهم يجعل هذا الأسلوب هو النمط السائر في حياتهم، ممّا يُنتج جيلاً واعيا وديمقراطيّاً وقادراً على الاستماع للصوت الآخر واحترامه.
تقريب وجهات النظر بين الناس فمن خلال الحوار يقوم كلّ شخص بتوصيل وجهة نظره ورأيه في موضوع ما، وبالتالي الوصول إلى نقطة مشتركة بينهم. تنمية مهارات فن التواصل مع الناس حيث إنّ الحوار يعكس رقي الأفراد، وبالتالي رقي المجتمع ورقي الأمة.
تبادل المعلومات والثقافات والخبرات، فالله عز وجل خلق الناس مختلفين وأعطى الحكمة لمن يشاء؛ لذلك عند اتّباع أسلوب الحوار تنتقل هذه الخبرات بين أبناء المجتمع الواحد. ولا يعني اتّباع أسلوب الحوار انتشار الفوضى، أوعدم أخذ القرارات الصارمة في بعض الأمور، ولكن يجب على القائد الناجح معرفة متى يجب التوقّف عند حدٍّ معيّن من الحوار واتّخاذ الإجراء المناسب بعيداً عن التحيّز واتّباع الهوى.
إذا كان هذا هو الحوار لماذا لا نتحاور كموريتانين؟ ونحن نحتاج إلى ذالك...
____________________________________
ملاحظة:
الكتابات أوالآراء الواردة في الموقع لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الموقع وإنما تمثل وجهات نظر أصحابها.