بسم الله الرحمن الرحيم... و صلى الله و سلّم على نبيه الكريم و آله الطيبين....
لا بأس في البداية-رغم طبيعة الاستعجال- أن نتمنى صادقين للمدير المنصرف التوفيق و السداد و النجاح في قابل أيام مسيرة عمله على رأس وزارة المياه و الصرف الصحي... فمن ذلك التمني الصادق لن يخسر أحد أيّ شيئ.... أليس كذلك؟... و الآن دعونا نهنئ المدير الجديد متمنين له أيضا و بكل صدق و اخلاص التوفيق و السداد و النجاح على رأس إدارة سنيم ... بذلك نكون قد أدينا واجبا مستحقا لكل واحد من الاثنين ... و تبقى نصيحة مستحقة للثاني لا بد تقديمها فالدين النصيحة...
سيدي المدير العام!.....
أنتم من ابناء هذه المؤسسة العتيدة و خريج مدرستها حيث زاولتم فيها مهام عديدة و تبوأتم عدة مناصب خلال سنوات عدة و هو ما يجعل عليكم واجبا أكيدا و عبئا ثقيلا و دينا لهذه المؤسسة لا بد من قضائه و زيادة بعد أن تبوأتم موقع الرأس منها ... في هذا الإطار و من موقع أحد ابناء هذه المؤسسة الحريصين على نمائها و ازدهارها و تطورها اسمحوا لي -سيادة المدير- بالتنبيه على بعض النقاط و التنويه ببعض المقترحات لعل ذلك يفيد و ينفع في مواجهة المهام الصعبة التي تواجهنا جميعا....
لا يخفى عليكم و لا على أحد من انباء هذا الوطن الموقع الذي تتبوئه سنيم كقيمة و رمز سيادي وطني منذ أيام نشأة الدولة الموريتانية الأولى الى أيامنا هذه... يتجلى ذلك في مساهمتها في دورة الاقتصاد الوطني و في تحملها اعباء احتياجات ولايات و مناطق عدة بالإضافة الى كونها مجمعا فريدا لأبناء هذه الوطن بتنوع اعراقه و فئاته و مكوناته كما أن ريعها يصل الى كل نقطة من هذا الوطن ... فقلّ أن توجد قرية الا وبعض ابنائها يعملون باسنيم ... و هذا ما يميزها و يجعل لها مكانة خاصة في نفوس الموريتانيين عموما ... هذه هي الملاحظة الأولى...
و لا يخفى على أي متعلم أهمية الانسجام و التماسك الداخلي في أي كيان أو منظومة أو مؤسسة... فذلك هو الأساس الذي عليه يشيد البناء و يحصل النهوض... و معلوم أن الأسس الرخوة غير معول عليها في إقامة بناء متماسك و لا في تحصيل نهضة أو نهوض !... تلك هي الملاحظة الثانية....
أما الملاحظة الثالثة فهي أن العدل هو أساس الحكم و هو أساس الإدارة و القيادة... و العدل لا يقوم في حياة مقاييسها تخضع للإنطباعات و الأهواء ... فيلس أحد أضلّ ممن اتخذ انطباعاته و أهواءه مقياسا و محددا لتصريف الأمور... لكي يقوم العدل و يستقيم أمره لابد من التقيد بالقواعد و النظم و المساطر التي لا تحابي و لا تجامل أحدا و التي يتساوى أمامها الجميع و تكون قيمة كل إنسان بما يحسن و يتقن...
انطلاقا و تأسيسا على تلك الملاحظات الثلاث فإن مؤسسة سنيم بحاجة الى بعض الاجراءات ذات الطابع الاستعجالي سبيلا الى وقف حركتها المتسارعة نحو الهاوية ... و تحويل مسارها -حقيه لا توهّما- الى مسهار نهوض حقيقي... من تلك الاجراءات:
أولا: لا بد من اصلاح ذات البين و اعادة الثقة بين ابناء المؤسسة بعضهم مع بعض من ناحية... و بين المؤسسة و ابنائها من ناحية أخرى... فبدون الثقة لا يمكن توقع الا مزيد من الفوضى و التسيب و الفساد...
ثانيا: لابد من إعادة الاعتبار للنظم و المساطر التي تحكم سير شؤون المؤسسة... فبذلك تستعيد المؤسسة ثقتها في نفسها و في ابنائها و تستعيد ايضا ثقة شركائها فيها...
ثالثا: لا بد من الدفاع عن مصالح المؤسسة الاستيراتيجية من خلال إبقائها مهيمنة بشكل مطلق على استغلال مناجم الحديد في هذه الولاية على الأقل... و ليكن توسعها في هذا الاطار تعزيزا لهيمنها بدل التوسع الوهمي من خلال بناء المطارات او الفنادق أو غيرها من المجالات التي تخرج عن ميدان اختصاصها...
رابعا: لابد من إعادة الاعتبار للبحوث الجيولوجية في مجال المعادن و خاصة الحديد ... ذلك أن أيّ مؤسسة تحترم ذاتها و مستقبلها يجب أن تكون بحوثها متقدمة بمسافة لا تقل عن خمس و عشرين سنة!!!... بمعنى أنما ستستغله بعد خمس و عشرين سنة يجب أن يكون معروفا و محددا اليوم....
خامسا: لا بد من انتاج سياسة جديدة في العلاقة بين المؤسسة و عمالها أساسها الشراكة الحقيقة و النجاح المشترك... لا يمكن توقع أيّ نجاح في جوّ مليء بعدم الثقة و بالعداوات ... من تلك السياسة اعطاء الحقوق المستحقة لأصحابها ... و التقيد بالنظم و المساطر عند الترقيات و التعيينات و الشفافية التامة عند الاكتتاب أيضا ...
سادسا: لا بد من قطع الزوائد... لا بد من تنظيف المؤسسة من الإدارات و القطاعات و الدوائر و المصالح غير المفيدة التي تم خلقها في لحظة تهور شخصي استجابة لرغبة في ترقية فلان أو علان... ما هكذا تتشكل الادارات او المصالح...!!... و لابد من تنظيف الادارات من المسؤولين الزوائد الذين لا يصلحون و لا يصلحون... لا ادعو الى طردهم و لكن يمكن وضعهم في مكان "ما" حتى يفح الله أو يحدث في شأنهم أمرا...
سابعا: لا بد من اعادة الثقة في الأطر ذوي الكفاءات و القدرات العالية و إعادتهم الى مواقع حقيقية حتى تستفيد منهم المؤسسة بدل ابقائهم في ثلاجة النسيان ... و هنا لا بد من شيء من الصبر على هؤلاء في سبيل تحقيق الهدف... فمعلوم أن أمثال هؤلاء عصيون على الترويض و التدجين ... و تلك هي الضريبة التى يجب على المؤسسة أن تعرف كيف تدفعها بأقل الخسائر...
ثامنا : لا بد من وقف هجرة الكفاءات من المؤسسة ... بل لابد من خلق بيئة جاذبة للكفاءات...
تاسعا : لا بد من إعادة انتاج سياسة للتكوين و التطوير المستمر لكوادر و تقنيي المؤسسة ... و ليكن ذلك وفق محددات علمية شفافة بعيدا عن الزبونية و المحاباة ... فعالم التقنيات في تطور يومي مستمر و بدون تكوين مستمر لا مستقبل لأية مؤسسة في عالم طابعه المنافسة الشرسة على المواقع و الاسواق ....
عاشرا : لا بد من أخذ مسافة من السياسة حتى تبقى المؤسسة مهنية متخصصة قليلة التأثر بتقلبات السياسة و اتجاهات رياحها و عواصفها و أمواجها... فقد أظهرت التجارب أن المؤسسة تكون أحسن حالا بعيدا عن تلك الاجواء شديدة التقلب ...
و أخير سيدي المدير... "و كن رجلا أن أتوا بعده يقولون مرّ هذا الأثر"..... و من لم يستع أن يكون جالبا للنفع فمن العجز عدم قدرته على امساك الضرر و توقيف حالة التدهور و الانهيار ... و خير الكلام ما قل و دلّ .... و الله من وراء القصد...
د. المهندس/ محمد محمود ولد سدينا
____________________________________
ملاحظة:
الكتابات أوالآراء الواردة في الموقع لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الموقع وإنما تمثل وجهات نظر أصحابها.