يجمع جل الخبراء والمحللين الدوليين على أن مشكلة التخمة في السوق الدولي لخامات الحديد لن
يتم التخلص منها إلى في غضون عام 2020 م، وقد ساهمت هذه التخمة بشكل كبير في التدهور الكبير والمستمر الذي تعرفه أسعار خام الحديد عالميا، حيث تراجعت بحوالي 70% مقارنة
عماكانت عليه خلال2011 ، وبذلك أدت إلى إفلاس العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة وأصبحت
تهدد شركات التعدين الكبرى خاصة مع اقتراب الأسعار من الوصول إلى الحد المساوي للتكاليف
تقريباً؛ مما ساهم في تعميق المنافسة، وأشعل فتيل الحرب بين الشركات للاستحواذ على الحصة
الأكبر في السوق الصيني الذي يستورد حوالي 65 % من خام الحديد المنقول عبر البحار.
وفي ظل بقاء الأوضاع على حالها الراهن، بل وفي وجود توقعات بحدوث الأسوء لا يسعنا إلا أن
نتساءل: هل ستحافظ سنيم على موقعها في السوق الصيني لخامات الحديد؟ وهل ستستحوذ استراليا
على السوق الصيني كليا؟
1-أستراليا وحصة الأسد :
أدى الاختلال الكبير في ميزان العرض والطلب إلى إغراق السوق الصيني بالمادة الخام، وخلق
فرصة تاريخية لاستراليا حيث استحوذت تدريجيا على حصة الأسد فيه، وذلك نتيجة لقربها
الجغرافي من الصين والانعكاس الإيجابي لذلك على تكلفة النقل، والنوعية الجيدة لخامات حديدها،
وكذلك التعاون الوثيق بينها وشركات التعدين الصينية الكبرى.
وقد أظهرت بيانات الجمارك الصينية الرسمية أن نسبة واردات الصين من خام الحديد الأسترالي
ارتفعت إلى 43.2% سنة 2011م، و 51.1% سنة 2013 ، وحققت قفزة نوعية سنة 2015 م حيث
ارتفعت إلى 63.74% لتبلغ(607.294 مليون طن )من إجمالي واردات الصين من خام الحديد
التي بلغت (952.722 مليون طن).
2-البرازيل والصراع من أجل البقاء
أما البرازيل صاحبة المركز الثاني فهي تصارع للحفاظ على موقعها في السوق الصيني و في ظل
تدني الأسعار تضررت قدرتها التنافسية كثيرا نظرا لبعدها الجغرافي عن الصين مما جعل تكلفة نقل
خاماتها عبر البحر عالية نسبيا حيث تتراوح بين 23- 20 دولار للطن في حين لا تتعدى 12 دولار
بنسبة لاستراليا .
وتظهر بيانات الجمارك الصينية أن نسبة واردات الصين من خام الحديد البرازيلي تتأرجح في حدود
ال20 % منذ عدة سنوات حيث كانت هذه نسبة 20.08% سنة 2011 وهبطت إلى 18.92% سنة
2013 ثم ارتفعت إلى 20.11 % سنة 2015 وهي تعادل (191.628مليون طن).
من الواضح تزايد استيلاء العملاق الأسترالي على السوق الصيني وقد شكلت واردات العملاقين
الأسترالي والبرازيلي ما مجموعه 84% من إجمالي واردات الصين لخام الحديد سنة 2015 بزيادة
قدرها 20% عن مجموع حصتهما سنة 2011م؛ مما يعني طرد الموردين الصغار من السوق
الصيني والذين تعتبر بلادنا من ضمنهم. لكن الصين التي خسرت شركاتها حوالي10 مليار دولار
خلال السنوات الأخيرة في استثماراتها لتطوير بعض المناجم الأسترالية ولا تزال تستثمر في هذا
المجال لا يتوقع منها ترك العملاق الأسترالي أن يستحوذ ويتحكم في سوقها.
3-موريتانيا والاعتماد على السوق الصيني
منذ سنة 2004 م وحجم الواردات الصينية من خام الحديد الموريتاني في ازدياد مستمر نتيجة
للارتفاع المستمر في الطلب الصيني على المادة الخام. ووفقا لبيانات الجمارك الصينية شهدت
صادرات بلادنا إلى الصين من خام الحديد تزايدا مضطردا خاصة في السنوات الخمسة الأخيرة
حيث ارتفعت من (4.219 مليون طن ) سنة 2010 إلى (6.778 مليون طن ) سنة 2012 م ثم
(10.047 مليون طن ) سنة 2014.
وصاحبت هذه الزيادة في صادرات زيادة في العائدات المالية لبلادنا بلغت (561.442 مليون) دولار
سنة 2010 م و (835.166 مليون) دولار سنة 2012 و (943.305 مليون ) دولار سنة 2014.
وهكذا توحلت بلادنا من مصدر لأوربا إلى لاعتماد التدريجي المتزايد على السوق الصيني
في خطوة خطيرة بمثابة وضع كل البيض في سلة واحدة.
وقد شكلت صادراتنا إلى الصين سنة 2014 حوالي 76% من إنتاجنا الذي بلغ حوال 13.076
مليون طن ، و نسبة %1.07 من إجمالي واردات الصين لنفس السنة .
لكن 2015 كانت سنة عجفاء في حصيلتها النهائية على بلادنا كماً، وقيمتاً، حيث تراجعت
صادراتنا إلى الصين من خام الحديد إلى 7.473 مليون طن بقيمة بلغت ( 409.986 مليون)
دولار، مما يعني أنه حصل تناقص في الصادرات بنسبة 26%، و 56% في العائدات مقارنة بسنة
. 2014
إن انخفاض أسعار خام الحديد إلى مستوياتها الحالية، يؤثر من دون شك بشكل سلبي على الجميع.
وبالرغم من أن بلادنا فقدت %26 من حصتها في السوق الصيني خلال سنة المنصرمة ومع ذلك،
يعتبر حالها احسن بكثير من جل الدول المصدرة للخامات إلى الصين البالغ عددهم حوالي 60 دولة،
بل هناك مؤشرات إيجابية جدا تشير إلى إمكانية استعادة سنيم لموقعها في السوق الصيني والدليل
على ذلك التحسن في كمية الصادرات إلى الصين خلال الشهرين الأخيرين حيث تم تصدير
.2016 يناير طن (691151.85) و 2015 ديسمبر طن (767177.07)
وإذا كانت سنيم قد أخطأت في عدم ملائمة خططها في زيادة الإنتاج والفترة الذهبية للأسعار، فلن
يكون من الحكمة تصحيح الخطأ بخطأ أكبر منه، وذلك بدخول في حرب المنافسة بزيادة الإنتاج في
ظل أسعار تشير كل التوقعات إلى المزيد من هبوطها.
مع أنني قد أكون مخطئا في تقديراتي بخصوص قدرة سنيم التنافسية نظرا لنقص المعلومات عنها، و
أنا على يقين أن سنيم تملك من الكوادر البشرية الوطنية القادرة على رسم مستقبل يضمن ديمومتها،
وبقائها في سوق تزداد تنافسية يوما بعد يوم .
____________________________________
ملاحظة:
الكتابات أوالآراء الواردة في الموقع لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الموقع وإنما تمثل وجهات نظر أصحابها.