(1).png)
.gif)
في مثل هذا اليوم و بالضبط 30 يناير 2015 كان إضراب عمال اسنيم الأكبر و الأطول من نوعه في تاريخ الشركة الوطنية للصناعة و المعادن اسنيم ، دخلناه يومها وقلوبنا تهفوا لإنصاف افتقدناه و لإصلاح حال أفسدته الأيام الخوالي من التهميش و ضياع الحقوق ، دخلناه يومها و أملنا في إدارة تنصف المظلوم و تسمع للمشتكي و تفتح بابها وقلبها لشريك المؤسسة و لليد العاملة فيها و للعمود الفقري الذي تقوم عليه اسنيم ، لقد دخلناه و نوايانا حسنة لأن نجد الأذن الصاغية و الضمائر الوطنية و كنا نقول ( رحمنا الله) أن الإضراب ايامه معدودة و أن جانب المصلحة سيعلو ويكبر عند الجميع ، و لم نتصور إطلاقا أننا قد نخان من القريب قبل البعيد و العارف بنا قبل السامع عنا ، ولم نظن يوما أننا سنتهم في وطنيتنا ونستفز على أرضنا و من بني جلدتنا وما كان ظننا أن نجوع ونهمش و نسفه و نتهم لأننا طالبنا بعهد موثق و حق مشروع .
لقد قدم عمال اسنيم صورة وطنية فريدة للغاية تتعانق فيها الأجساد و تنصهر فيها الألوان و الأعراق ،و تذوب فيها الفوارق النتنة وتخلق وحدة وطنية لاتعرف التزييف إطلاقا . عندما أوفدت الدولة الوفود سياسيين كانوا أو حكوميين من أجل إفشال العمال كانت تضرب في حديد بارد بل و تفضح نفسها وتنكشف للجميع بزيف عدالة غائبة و مصلحة مضيعة.
63 يوما و العمال منضبطون سلوكا و أفعالا و قدموا دروسا في التظاهر و الإحتجاج السلمي ستبقى ليدرسها التاريخ لأجياله المستقبلية ، وهم بذلك يفاخرون ولليوم بأنهم رغم ما كان من استفزاز و ظلم و حيف حافظوا على نظام يضبط سلميتهم و يقيم الحجة على خصمهم . وهاهي الذكرى الأولى لإضراب 30يناير ولا زال العامل في نفس الظرفية التي أوجدت ذلك الإضراب بل يعيش ظرفا أصعب و اخطر من ظرفيته قبل الإضراب ، ولا زال يعامل بالوعود الكاذبة و بالنظرة المحتقرة لذاته على الأقل ، فلا الإتفاق الذي كان سببا في توقف الإضراب احترم و لا دخل العامل تحسن بل ازداد سوءا ، ولا الثقة بين العامل و المعمل وجدت ، ولا حتى المظهر الخارجي و الداخلي للمؤسسة يبشر ويطمئن . وما دام العامل في هذه الظروف الحالكة و الصعبة و في هذا المستوى المادي الهزيل فإن أزمة اسنيم ستتعمق و ربما تصل لما لا نرجوه جميعا لا قدر الله . نحتاج من الجميع أن يحكموا العقل و الدين و الوطنية و أن يدركوا أنه لن يكون هناك إنتاج بدون عمال و أن هبوط أسعار الحديد لا يقابل عقلا و منطقا إلا برفع الإنتاج و أن رفع الإنتاج يحتاج ليد تستخرج و تصدر و هي يد مشلولة الآن لا يداويها إلا حقها المسلوب . مامعنى أن يصرف على المشاريع العملاقة بالمليارات و أن تقدم الأموال للهيئة الخيرية لاسنيم و يتم الإنتشار أفقيا للمنشآت و المصانع و كل ذلك بأرقام خيالية و بأموال طائلة و لاتعطى مبالغ بسيطة لاتصل ل 5% للأيادي التي أوجدت كل ذاك المال؟ إن الظلم يفشل و يصنع الأزمات وذاك مالا يدركه الكثيرون.
يا سادتي حل أزمة اسنيم لن يكون إلا بإنصاف عمالها و وضعهم في ظروف تسمح لهم بالإنتاج لأنهم هم الأصل و الفرع و هم الناتج و المنتوج وماداموا هم الحلقة الأضعف فإننا سنبقى في هبوط مستمر قد ينسينا مشروع النهوض .
____________________________________
ملاحظة:
الكتابات أوالآراء الواردة في الموقع لا تمثل بالضرورة وجهة نظر الموقع وإنما تمثل وجهات نظر أصحابها.
