(1).png)
.gif)
السعد آفلواط… خطاب يضع النقاط على الحروف في مدينة تنتظر من يخدمها
شهدت أزويرات اليوم خطابًا استثنائيًا ألقاه العمدة الشاب السعد آفلواط أمام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، كسر فيه قاعدة الخطاب السياسي التقليدي، ووضع بجرأة ووضوح مطالب الساكنة فوق كل اعتبار. لقد تعاقب على بلدية المدينة كثيرون، منهم من رحل ومنهم من لا يزال حاضرًا، لكن قلة منهم امتلكوا القدرة على التعبير عن هموم السكان بهذه الصراحة والمسؤولية.
ترحيل مطاحن الذهب… المطلب الجامع
أبرز ما حمله خطاب العمدة هو المطلب الذي يجمع عليه سكان أزويرات: ترحيل مطاحن الذهب القاتلة إلى منطقة اسفيريات. فقد ظل هذا الموضوع على طاولة السياسيين لسنوات، يطرحون حوله عموميات أو تحفظات نابعة من مصالحهم الخاصة، لكن العمدة وضعه اليوم في صدارة الأولويات بلا مواربة ولا مجاملة.
كما تناول الوضعية الصعبة للعمال غير الدائمين المعروفين بـ "أجرنالية"، مؤكدًا دورهم الكبير في الإنتاج وضرورة إنصافهم وتسوية أوضاعهم، مشيرًا إلى أن الحديث عن التنمية لا يكتمل دون الحديث عن الإنسان الذي يصنعها.
ولم يغفل العمدة عن الإشادة بدور الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (أسنيم) وذراعها الاجتماعي خيرية أسنيم، إضافة إلى مساهمة معادن موريتانيا في دعم التنمية المحلية، في توازن مهم بين النقد البنّاء والاعتراف بالجهود القائمة.
رسالة للناخبين… الخيار للشباب غير المؤدلج
قد تكون الرسالة الأبرز في الخطاب أن سكان المدينة يجب أن يمنحوا ثقتهم مستقبلًا لقيادات شابة غير مثقلة بالخلفيات السياسية، قادرة على تقديم خدمة عامة نقية، ونموذجها العمدة الحالي.
رغم أن أزويرات أنجبت طاقات علمية ومعرفية في مختلف التخصصات—العلوم، والتقنيات، والآداب، والفنون، والدراسات الإسلامية—ويعمل أبناؤها في مؤسسات الدولة داخل الوطن وخارجه، إلا أن المدينة لم تستفد من هذا الرصيد البشري كما ينبغي. باستثناء حالات مشرّفة قليلة مثل الشيخ ولد باية والدكتور بشير الديانة، بقيت بصمة الكثير من أبناء المدينة غائبة عن مسقط رؤوسهم.
وإذا كانت المدرسة الجمهورية اليوم مطلبًا وطنيًا لتعزيز المواطنة، فإن أزويرات طبّقت هذا النموذج منذ تأسيس مدارسها في ستينيات القرن الماضي، حيث لم يكن هناك فرق بين أسود وأبيض، أو بين شرائح أو طوائف؛ الجميع كانوا أبناء أزويرات، مدينة صنعت هويتها بعيدًا عن الانتماءات القبلية والجهوية.
المدينة… صورة مصغّرة للوطن
تضم أزويرات جميع مكوّنات المجتمع الموريتاني، وأكثر سكانها من أبناء العمال، مما شكّل لحمة اجتماعية قائمة على الوحدة الوطنية. وهذا ما ينعكس في مدارسها وأحيائها وفضاءات العمل فيها، كما هو حال المدن الصناعية التي تتشكل من أبناء الوطن كافة، يجمعهم العمل وتوحدهم روح الإبداع والتنافس الشريف.
غياب الأنشطة الثقافية والعلمية… سؤال محيّر!!
ورغم هذا الرصيد البشري الكبير، يبقى مستغربًا غياب الأنشطة الثقافية والعلمية في أزويرات، بينما تشهد مختلف مدن الوطن حراكًا فنيًا وثقافيًا. إنها مدينة تستحق أكثر، ولا سبيل لذلك إلا بسواعد أبنائها وأفكارهم.
خطوة العمدة السعد اليوم تُذكر وتُشكر، لأنها أعادت الأمل بأن تكون الكلمة الصادقة نقطة انطلاق نحو خدمة المدينة التي قال فيها الشاعر:
بلادٌ بها نِيطَت عليَّ تمائمي
وأوَّلُ أرضٍ مسَّ جلدي تُرابُها
لمرابط محمد الخديم
-
