مساحة إعلانية

سعر الحديد تركيز: 62%

 

99,12 $    

مساحة إعلانية

Résultat de recherche d'images pour "‫مساحة اعلانية‬‎"

تابعونا على الفيس

فيديو

غولدا مائير والأمة النائمة :: من حريق الأقصى إلى قصف الدوحة /لمرابط محمد الخديم

سبت, 13/09/2025 - 20:37

غولدا مائير والأمة النائمة: من حريق الأقصى إلى قصف الدوحة

حريق الأقصى: اختبار الأمة الأول؛

     في فجر 21 أغسطس/آب 1969م، اهتزّ العالم الإسلامي على وقع جريمة مروّعة: حريق طال أجزاء واسعة من المسجد الأقصى المبارك، بعدما أقدم اليهودي الأسترالي مايكل دينيس روهان على إشعال النار في الجناح الشرقي. التهمت النيران سقفًا خشبيًا تاريخيًا ومنبر صلاح الدين الأيوبي، الشاهد على تحرير القدس لقرون.

   كان الحدث في عهد رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، التي اعترفت لاحقًا بأنها قضت تلك الليلة في قلق شديد من احتمال أن تهبّ الجماهير الإسلامية من المحيط إلى الخليج. لكنها، حين لم تجد الردّ المتوقع، خرجت بتوصيفات نقلها بعض المؤرخين على أنها اكتشفت أن الأمة "نائمة". سواء صحت الصيغة حرفيًا أم لا، فإن جوهرها يعكس حقيقة واحدة: الاحتلال تعامل مع الحريق كاختبار لردّة فعل الأمة قبل أن يمضي في خططه.

    لم يكن حريق الأقصى مجرد اعتداء مادي على مسجد، بل جريمة ضد هوية الأمة ووجدانها. تحرّكت الجماهير يومها بعاطفة جارفة، لكن المواقف الرسمية بدت عاجزة أو مترددة. كلمات مائير — نصًا أو توصيفًا لاحقًا — جسّدت ما رآه الاحتلال فرصة استراتيجية: ضعف الردع العربي يسمح بتوسيع الاستيطان، تكثيف اقتحامات الأقصى، والمضي في مشاريع التهويد بلا خوف من مواجهة حقيقية.

نصف قرن بعد الحريق: امتحان جديد

     اليوم، بعد أكثر من خمسة عقود، يتكرّر الامتحان بوجه آخر. تدمير أراضٍ عربية وقتل عشرات آلاف المدنيين وإصابة مئات الآلاف لم يحرك العالم العربي بنفس حدة الغضب، بينما تتصدّر بعض الشعوب الغربية عناوين الإعلام بالغضب والإدانة.

     المفارقة الكبرى أنّ الغارات الإسرائيلية استهدفت العاصمة القطرية الدوحة بذريعة ملاحقة قيادات حركة حماس، على الرغم من أن قطر لم تكن طرفًا مباشرًا في الصراع، بل وسيطًا اعترف به المجتمع الدولي وسبق أن أنجز صفقات تبادل أسرى ووساطات معقدة، من فلسطين إلى أفغانستان والكونغو.

     لكن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، التي تواجه مأزقًا داخليًا متصاعدًا، اختارت توجيه ضربة استباقية استهدفت الوسيط نفسه. الرسالة واضحة: اختبار جديد لردّة فعل العرب والمسلمين والمجتمع الدولي، تمامًا كما كان حريق الأقصى اختبارًا في 1969م.

     الأخطر في خطاب نتنياهو بعد الغارة أنه تحدث عن العمل على تشكيل ما سمّاه "الشرق الأوسط الكبير" — مشروع كان المحافظون الجدد في واشنطن قد تبنّوه قبل عقدين دون أن ينجحوا في فرضه.

     لكن ما يجري اليوم يوحي بأن إسرائيل تحاول تنفيذه بنفسها: إضعاف الدول العربية واحدة تلو الأخرى، كسر إرادة شعوبها، وفرض وقائع سياسية وجغرافية تبدأ من القدس ولا تنتهي بالدوحة.

 

إلى أين تتجه الأمة؟

يبقى السؤال الحاسم: هل ما زالت الأمة كما وصفتها غولدا مائير "نائمة"، أم أنّ الشعوب والدول قادرة على تحويل هذه الضربة المذلّة إلى فرصة للوحدة واليقظة؟

استمرار الانقسام لن يعني إلا المزيد من الجرأة الإسرائيلية على استباحة العواصم والمقدسات. أما الاستيقاظ الحقيقي فيعني:

    عقد قمة عربية عاجلة لتحديد خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها.

تحرك دبلوماسي موحّد في مجلس الأمن والمؤسسات الدولية.

    إعادة الاعتبار لخيار المقاومة الشعبية والسياسية والإعلامية على مستوى الأمة.

    دعم دور الوساطات العربية والإسلامية بدل استهدافها.

     من حريق الأقصى إلى قصف الدوحة، يبدو أن العدو لم يغيّر أدواته: اختبار الإرادة قبل فرض المشروع. فإذا واصلت الأمة نومها، سيمضي الاحتلال أبعد في تهويد القدس وضرب مزيد من العواصم.

      أما إذا نهضت واستثمرت اللحظة في توحيد الصفوف، فقد يتحوّل الامتحان إلى بداية مرحلة جديدة من الصحوة والكرامة.

المرابط ولد محمد لخديم